رؤية الحمار والكلب للجن:

إذا كنا لا نرى الجن فإنّ بعض الأحياء يرونهم كالحمار والكلب، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنه رأى شيطاناً) (?) .

وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمار، فتعوذوا بالله، فإنهن يرون ما لا ترون) (?) .

ورؤية الحيوان لما لا نرى ليس غريباً، فقد تحقق العلماء من قدرة بعض الأحياء على رؤية ما لا نراه، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية، ولذلك فإنّه يرى الشمس حال الغيم، والبومة ترى الفأر في ظلمة الليل البهيم....

المطلب الثالث

الرد على الذين يزعمون أن الجن هم الملائكة

سبق أن ذكرنا الحديث الذي يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (أن الملائكة خلقوا من نور، وأن الجن خلقوا من نار) ، ففرق الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأصلين، وهذا يدل على أنهما عالمان لا عالماً واحداً.

ومن نظر في النصوص المتحدثة عن الملائكة والجن، أيقن بالفرق الكبير بينهما، فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، والجن يكذبون ويأكلون ويشربون، ويعصون ربهم، ويخالفون أمره.

نعم هما عالمان محجوبان عنا، لا تدركهما أبصارنا، ولكنهما عالمان مختلفان في أصلهما وصفاتهما.

الشيطان والجان

المطلب الأول

التعريف بالشيطان

الشيطان الذي حدثنا الله عنه كثيراً في القرآن من عالم الجنّ، كان يعبد الله في بداية أمره، وسكن السماء مع الملائكة، ودخل الجنة، ثمّ عصى ربه عندما أمره أن يسجد لآدم، استكباراً وعلواً، فطرده الله من رحمته.

والشيطان في لغة العرب يطلق على كل عاتٍ متمرد، وقد أطلق على هذا المخلوق لعتوّه وتمرده على ربّه (شيطان) . وأطلق عليه لفظ (الطاغوت) : (الَّذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والَّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطَّاغوت فقاتلوا أولياء الشَّيطان إنَّ كيد الشَّيطان كان ضعيفاً) [النساء: 76] . وهذا الاسم معلوم عند غالبية أمم الأرض باللفظ نفسه، كما يذكر العقاد في كتابه (إبليس) ، وإنما سمي طاغوتاً لتجاوزه حده، وتمرده على ربه، وتنصيبه نفسه إلهاً يعبد.

وقد يئس هذا المخلوق من رحمة الله، ولذا أسماه الله (إبليس) . والَبَلَس في لغة العرب: من لا خير عنده، وأبلس: يئس وتحيّر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015