طاعة الله، ويذكِره بأمور الدنيا؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى) (?) .

دفع الشيطان الإنسان للمرور بين يدي المصلي:

عن أبي صالح السمّان قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم الجمعة يصلي إلى شيء يستُرهُ من الناس، فأراد شابٌّ من بني أبي مُعيط أن يجتاز بين يديه، فدفع أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغاً إلا بين يديه، فعاد ليجتاز فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد، ثم دخل مروان فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان، فقال: مالك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستُرهُ من الناس فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى، فليقاتله، فإنما هو شيطان) (?) .

والمراد بقوله: (فإنما هو شيطان) ؛ أي فعله فعل شيطان كما يقول ابن حجر العسقلاني.

إلا أن ابن حجر ذكر احتمالاً آخر أصح من الأول، فإنه قال: (ويحتمل أن يكون المعنى: فإنما الحامل على ذلك الشيطان، وقد وقع في رواية الإسماعيلي: (فإن معه الشيطان) ، ونحوه لمسلم من حديث ابن عمر بلفظ: (فإن معه القرين) (?) .

كل مخالفة للرحمن فهي طاعة للشيطان:

يقول تعالى: (إن يدعون من دونه إلاَّ إناثاً وإن يدعون إلاَّ شَّيطاناً مَّريداً - لَّعنة الله وقال لأتَّخذنَّ من عبادك نصيباً مَّفروضاً) [النساء: 117-118] . فكل من عبد غير الله من صنم أو وثن، أو شمس وقمر، أو هوى، أو إنسان، أو مبدأ، فهو عابد للشيطان، رضي أم أبى؛ لأن الشيطان هو الآمر بذلك والمرغب فيه، ولذلك فإن عبّاد الملائكة يعبدون الشيطان في الحقيقة: (ويوم يحشرهم جميعاً ثمَّ يقول للملائكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون - قالوا سبحانك أنت وليُّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجنَّ أكثرهم بهم مُّؤمنون) [سبأ: 40-41] . يعني أن الملائكة لم تأمرهم بذلك، وإنما أمرتهم بذلك الجن، ليكونوا عابدين للشياطين الذين يتمثلون لهم، كما يكون للأصنام شياطين.

الخلاصة:

والشيء الذي نخلص إليه أن الشيطان يأمر بكل شرّ، ويحث عليه، وينهى عن كلّ خير، ويخوف منه؛ كي يرتكب الأول، ويترك الثاني.

كما قال تعالى: (الشَّيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مَّغفرةً منه وفضلاً) [البقرة: 268] . وتخويفه إيانا الفقر بأن يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015