وأعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من وقته، وعلمهم مما علمه الله، وقرأ عليهم القرآن، وبلغهم خبر السماء.... وكان ذلك في مكة قبل الهجرة.

روى مسلم في صحيحه عن عامر، قال: سألت علقمة: هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود، فقلتُ: هل شهد أحدٌ منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، ففقدناهُ، فالتمسناهُ في الأودية والشعابِ، فقلنا: استطير أو اغتيل، قال فبتنا بشر ليلة بات بها قومٌ، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله! فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلةٍ بات بها قومٌ. فقال: (أتاني داعي الجنّ، فذهبتُ معه، فقرأتُ عليهم القرآن) . قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: (لكم كلُّ عظمٍ ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم؛ أوفر ما يكون لحماً. وكل بعرةٍ علفٌ لدوابّكم) .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعامُ إخوانكم) (?) .

ومما قرأه عليهم سورة الرحمن، قال السيوطي: " أخرج الترمذي، وابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا فقال: (ما لي أراكم سكوتاً، لقد قرأتها على الجن ليلة الجن، فكانوا أحسن مردوداً منكم، كنت كلما أتيت على قوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد) (?) .

ولم تكن تلك الليلة هي الليلة الوحيدة، بل تكرر لقاؤه صلى الله عليه وسلم بالجنّ بعد ذلك، وقد ساق ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف - الأحاديث التي وردت بشأن اجتماعه صلى الله عليه وسلم بالجن، وفي بعضها أن ابن مسعود كان قريباً من الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى تلك الليالي.

وقد ورد في بعض الروايات في صحيح البخاري: أن بعض الجن الذين أتوه كانوا من ناحية من نواحي اليمن من مكان يسمى (نصيبين) ، فقد روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني وفد نصيبين - ونعم الجن - فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم ألا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعاماً) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015