والله هو الحي الذي لا يموت، فكم في إماتتهم من حكمة ومصلحة لهم وللأمة. هذا وهم بشر، ولم يخلق الله البشر في الدنيا على خلقة قابلة للدوام، بل جعلهم خلائف في الأرض، يخلف بعضهم بعضاً، فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف، ولضاقت بهم الأرض، فالموت كمال لكل مؤمن، ولولا الموت لما طاب العيش في الدنيا، ولا هناء لأهلها بها، فالحكمة في الموت كالحكمة في الحياة.
إلى أي مدى نجح الشيطان في إهلاك بني آدم؟
عندما رفض الشيطان السجود لآدم، وطرده الله من رحمته وجنته، وغضب عليه ولعنه، أخذ على نفسه العهد أمام ربّ العزة بأن يضلنا ويغوينا، ويعبدنا لنفسه: (لَّعنة الله وقال لأتَّخذنَّ من عبادك نصيباً مَّفروضاً - ولأضلَّنَّهم ... ) [النساء: 118-119] ، (قال أرأيتك هذا الَّذي كرَّمت عليَّ لئن أخَّرتن إلى يوم القيامة لأحتنكنَّ ذريَّته إلاَّ قليلاً) [الإسراء: 62] .
فإلى أي مدى حقق الشيطان مراده من بني الإنسان؟
إن المسرّح نظره في تاريخ البشرية يهوله ما يرى من ضلال الناس، وكيف كذبوا الرسل والكتب، وكفروا بالله ربهم، وأشركوا به مخلوقاته، قال تعالى: (وما أكثر النَّاس ولو حرصت بمؤمنين) [يوسف: 103] ، ولذا حق عليهم غضب الله وانتقامه: (ثمَّ أرسلنا رسلنا تترا كلَّ ما جاء أمَّةً رَّسولها كذَّبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً وجعلناهم أحاديث فبعداً لقومٍ لا يؤمنون) [المؤمنون: 44] .
وفي الحاضر حيثما نظرنا أبصرنا أولياء الشيطان تعج بهم الحياة يرفعون رايته، وينادون بمبادئه، ويعذبون أولياء الله، ويدلنا على مدى تحقيق الشيطان لمراده، أن الله يأمر آدم يوم القيامة أن يخرج من ذريته بعث النار، فلما يستفسر