الشياطين بالأمور التي حدثت ووقعت ليس بالأمر المستغرب.
الكهنة رسل الشياطين:
يقول ابن القيم (?) : " الكهنة رسل الشيطان؛ لأن المشركين يهرعون إليهم، ويفزعون إليهم في أمورهم العظام، ويصدقونهم، ويتحاكمون إليهم، ويرضون بحكمهم، كما يفعل أتباع الرسل بالرسل، فإنهم يعتقدون أنهم يعلمون الغيب، ويخبرون عن المغيبات التي لا يعرفها غيرهم، فهم عند المشركين بهم بمنزلة الرسل، فالكهنة رسل الشيطان حقيقة، أرسلهم إلى حزبه من المشركين، وشبههم بالرسل الصادقين، حتى استجاب لهم حزبه، ومثل رسل الله بهم لينفر عنهم، ويجعل رسله هم الصادقين العالمين بالغيب، ولما كان بين النوعين أعظم التضاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد) (?) .
فإن الناس قسمان: أتباع الكهنة، وأتباع الرسل، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء وهؤلاء، بل يبعد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بقدر قربه من الكاهن، ويُكَذّبُ الرسول بقدر تصديقه للكاهن.
أقول: ومن يدرس تواريخ الأمم يعلم أن الكهان والسحرة كانوا يقومون مقام الرسل، ولكنهم رسل الشياطين، فالسحرة والكهنة كانت لهم الكلمة المسموعة في أقوامهم، يحلون ويحرّمون، ويأخذون المال، ويأمرون بأنواع من العبادة والطقوس ترضي الشياطين، ويأمرون بقطيعة الأرحام، وانتهاك الأعراض، وقد بين العقاد شيئاً من ذلك في كتابه المسمى بـ (إبليس) .
واجب الأمة نحو هؤلاء:
ما يدعيه المنجمون، والعرافون، والسحرة، ضلال كبير ومنكر لا يستهان به، وعلى الذين أعطاهم الله دينه، وعلمهم كتابه وسنة نبيه أن ينكروا هذا الضلال بالقول، ويوضحوا هذا الباطل بالحجة والبرهان، وعلى الذين