نفسها لم يذكرها، وهي: «وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا» كان أدل في أنه لا عمل بلا إيمان ولا إيمان بلا عمل.

وإنما كثر تقديم الإيمان؛ لأن المراد به قول القلب وعمله، وهو الأصل، فالباطن أصل للظاهر كما سبق لكن ورود بعض مواضع يتقدم فيها ذكر العمل عليه، يدل على التلازم، وعلى أهمية المقدم من أعمال الإيمان في ذلك السياق.

ومن ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) " الإسراء:19"

وقد استدل بهاء عطاء فى مناظرته لسالم الأفطس المرجئ التي سبق إيرادها نقلا عن ابن بطة - قال: فألزم الاسم العمل والعمل الاسم "

وفى هذا تنبيه على مواضع أخرى تماثلها، مع قصد أهمية المقدم، كما سبق، ومنها: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» (آل عمران:110) .

فلا يقال: إن الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، ليسا من الإيمان، أو يصحان بدونه، لأنه عطف الإيمان عليها، والعطف يقتضى المغايرة (?)

بل المقصود التنبيه على أهمية هذه الميزة الإسلامية، بإفرادها عن سائر أعمال الإيمان، وتقدمها عليه، وإلا فمعلوم قطعا أن الإيمان لا يتقدم عليه شىء، إذ لا يقبل شىء بدونه.

وقد ورد تقديم التوبة والتقوى والشكر وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة على الإيمان فى آيات أخرى. أما التوبة، ففي أربعة مواضع، منها: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى» (طه:82) .

مع ورود التوبة بمعنى الإيمان نفسه فى الآية السابقة «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015