الدين بعلم الحلال والحرام، إنكم إن تدبرتم القرآن كما أمركم الله عز وجل، علمتم أن الله عز وجل أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله: العمل.

وأنه عز وجل لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضى عنهم وقد رضوا عنه، والعمل الصالح وأثابهم على ذلك الدخول الى الجنة والنجاة من النار إلا الإيمان به والعمل الصالح، وقرن مع الإيمان على ذلك الدخول إلى الجنة والنجاة من النار بالإيمان الذى قد وفقهم إليه، فصار الإيمان، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده حتى ضم اليه العمل الصالح مصدقا بقلبه وناطقا بلسانه وعاملا بجوارحه.

لا يخفى أن تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت.

واعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - أني قد تصفحت القرآن، فوجدت فيه ما ذكرته في تسعة وخمسين موضعا من كتاب الله عز وجل، وأن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته وإياهم، وبما وفقهم له من الإيمان بالعمل والعمل الصالح.

وهذا رد على من قال: "الإيمان المعرفة" ورد على من قال:"المعرفة والقول وإن لم يعمل" نعوذ بالله من قائل هذا ".

ثم شرع رحمه الله في سرد هذه المواضع في قوله تعالى في سورة البقرة: «وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ»

إلى قوله: «وَالْعَصْرِ (*) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (*) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» (?) .

أقول: إنه رحمه الله لم يستكمل كل الآيات في اقتران العمل بالإيمان، بل اقتصر على ما كان فيه تقديم ذكر الإيمان على العمل، أما ما تقدم فيه العمل على الإيمان فلم يذكره، ومعلوم أن ذكر النوعين أدل على التلازم.

ومن ذلك قوله تعالى في سورة طه: «ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى» وقد ذكرها، فإذا ضممنا إليها آية أخرى في السورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015