فقال: إني أقطعها وأنا أدري أني أقطع فيها أدباً كثيراً، ولكن لو كان أبو محمد - يعنيني - حاضراً لدفعتها إليه تكون عنده تذكرة لمودتي، ولكني لا أعلم أي البلاد اضمرته ولا أحي هو أم ميت؛ وكانت نكبتي اتصلت به ولم يعلم مستقري ولا إلى ما آل إليه أمري؛ فمن مراثي له قصيدة منها: [من المتقارب] .
لئن سترتك بطون اللحود ... فوجدي بعدك لا يستتر قصدت ديارك قصد المشوق ... وللدهر فينا كرور ومر فألفيتها منك قفراً خلاء ... فأسكبت عيني عليك العبر وحدثني أبو القاسم الهمذاني رحمه الله قال: كان معنا ببغداد أخ لعبد الله بن يحيى بن أحمد بن دحون الفقيه، الذي عليه مدار الفتيا بقرطبة، وكان أعلم من أخيه وأجل مقداراً، ما كان في أصحابنا ببغداد مثله، وأنه اجتاز يوماً بدرب قطنة، في زقاق لا ينفذ، فدخل فيه فرأى في أقصاه جارية واقفة مكشوفة الوجه، فقالت له: يا هذا إن الدرب لا ينفذ، قال: فنظر إليها فهام بها.
قال: وانصرف إلينا فتزايد