جزوع من الراحات إن أنتجت له ... خمولاً وفي بعض النعيم عذاب والسلو في التجزئة الجملية ينقسم قسمين: 1 - سلو طبيعي وهو المسمى بالنسيان، يخلو به القلب ويفرغ به البال، ويكون الإنسان كأنه لم يحب قط؛ وهذا القسم ربما لحق صاحبه الذم لأنه نسيان حادث عن أخلاق مذمومة، وعن أسباب غير موجبة استحقاق النسيان، وستأتي مبينة إن شاء الله تعالى، وربما لم تلحقه اللائمة لعذر صحيح.

2 - والثاني سلو تطبعي، قهر النفس، وهو المسمى بالتصبر، فترى المرء يظهر التجلد وفي قلبه أشد لدغاً من وخز الإشفى، ولكنه يرى بعض الشر أهون من بعض، أو يحاسب نفسه بحجة لا تصرف ولا تكسر؛ وهذا قسم لا يذم آتيه، ولا يلام فاعله لأنه لا يحدث إلا عن عظيمة، ولا يقع إلا عن فادحة، إما لسبب لا يصبر على مثله الأحرار، وإما لخطب لا مرد له تجري به الأقدار، وكفاك من الموصوف به أنه ليس بناس لكنه ذاكر، وذو حنين واقف على العهد، ومتجرع مرارات الصبر.

والفرق العامي بين المتصبر والناسي، أنك ترى المتصبر وإن أبدى غاية الجلد وأظهر سب محبوبه والتحمل عليه، لا يحتمل ذلك من غيره؛ وفي ذلك أقول قطعة منها: [من الطويل] دعوني وسبي للحبيب فإنني ... وإن كنت أبدي الهجر لست معاديا ولكن سبي للحبيب كقولهم ... أجاد فلقاه الإله الدواهيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015