حدثني أبو الوليد أحمد بن محمد بن اسحاق الخازن رحمه الله من رجل جليل، أنه حدث عن نفسه بمثل هذا:

5 - ومن القنوع أن يرتاع المحب، إلى أن يرى من رأى محبوبه ويأنس به ومن أتى من بلاده، وهذا كثير؛ وفي ذلك أقول: [من الطويل] .

توحش من سكانه فكأنهم ... مساكن عاد أعقبته ثمود

ومما يدخل في هذا الباب أبيات لي، موجبها أني تنزهت أنا وجماعة من إخواني من أهل الأدب والشرف إلى بستان لرجل من أصحابنا، فجلنا ساعة ثم أفضى بنا القعود إلى مكان دونه يتمى، فتمددنا في رياض أريضة، وأرض عريضة، للبصر فيها منفسح، وللنفس لديها منسرح، بين جداول تطرد كأباريق اللجين، وأطيار تغرد بألحان تزري بما أبدعه معبد والغريض، وثمار مهدلة قد ذللت للأيدي ودنت للمتناول، وظلال مظلة تلاحظنا الشمس من بينها فتتصور بين أيدينا كرقاع الشطرنج والثياب المدبجة، وماء عذب يوجدك حقيقة طعم الحياة، وانهار متدفقة تنساب كبطون الحيات لها خرير يقوم ويهدأ، ونواوير مؤنقة مختلفة الألوان تصفقها الرياح الطيبة النسيم، وهواء سجسج، وأخلاق جلاس تفوق كل هذا، في يوم ربيعي ذي شمس ظليلة، تارة يغطيها الغيم الرقيق والمزن اللطيف، وتارة تتجلى فهي كالعذراء الخفرة الخجلة تتراءى لعاشقها من بين الأستار ثم تغيب فيها حذر عين مراقبة.

وكان بعضنا مطرقا كأنه يحادث الثرى، وذلك لسر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015