قفا فاسألا الأطلال أين قطينها ... أمرت عليها بالبلى الملون على دارسات مقفرات عواطل ... كأن المغاني في الخفاء معاني واختلف الناس في أي الأمرين أشد: البين أم الهجر وكلاهما مرتقى صعب وموت أحمر وبلية سوداء وسنة شهباء، وكل يستبشع من هذين ما ضاد طبعه: فأما ذو النفس الأبية الأنوف، الحنانة الألوف الثابتة على العهد، فلا شيء يعدل عنده مصيبة البين، لأنه أتى قصداً، وتعمدته النوائب عمداً، فلا يجد شيئاً يسلي نفسه؛ ولا يصرف فكرته في معنى من المعاني إلا وجد باعثاً على صبابته ومحركاً لأشجانه، وعلة لألمه، وحجة لوجده وحاضاً على البكاء على إلفه.

وأما الهجر فهو داعية السلو ورائد الإقلاع.

وأما ذو النفس التواقة الكثيرة النزوع والتطلع القلوق العزوف فالهجر داؤه وجالب حتفه، والبين له مسلاة ومنساة.

وأما أنا فالموت عندي أسهل من الفراق، وما الهجر إلا جالب للكمد فقط، ويوشك إن دام أن يحدث إيغاراً، وفي ذلك أقول: [من المتقارب] .

وقالوا ارتحل فلعل السلو ... يكون وترغب أن ترغبه فقلت الردى لي قبل السلو ... ومن يشرب السم عن تجربه وأقول [المتقارب] سبى مهجتي هواه ... وأودت بها نواه كأن الغرام ضيف ... وروحي غدا قراه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015