وددت بان ظهر الأرض بطن ... وأن البطن منها صار ظهراً وأني مت قبل ورد خطب ... أتى فأثار في الأكباد جمرا وأن دمي لمن قد بان غسل ... وان ضلوع صدري كن قبرا ثم اتصل بعد حين تكذيب ذلك الخبر فقلت: [من السريع] .
بشرى أتت واليأس مستحكم ... والقلب في سبع طباق شداد كنت فؤادي خضرة بعدما ... كان فؤادي لابسا للحداد جلى سواد الغم عني كما ... يجلى بلون الشمس لون السواد هذا وما آمل وصلاً سوى ... صدق وفاء بقديم الوداد فالمزن قد يطلب لا للحيا ... لكن لظل بارد ذي امتداد ويقع في هذين الصنفين من البين الوداع، أعني رحيل المحب أو رحيل المحبوب.
وإنه لمن المناطر الهائلة والمواقف الصعبة التي تفتضح فيها عزيمة كل ماضي العزائم، وتذهب قوة كل ذي بصيرة، وتسكب كل عين جمود، ويظهر مكنون الجوى.
وهو فصل من فصول البين يجب التكلم فيه، كالعتاب في باب الهجر.
ولعمري لو أن ظريفاً يموت في ساعة الوداع لكان معذوراً إذا تفكر فيما يحل به بعد ساعة من انقطاع الآمال، وحلول الأوجال، وتبدل السرور بالحزن.
وإنها ساعة ترق القلوب القاسية، وتلين الأفئدة الغلاظ.
وإن حركة الرأس وإدمان النظر والزفرة بعد الوداع لهاتكة حجاب القلب، وموصلة إليه من الجزع بمقدار ما تفعل حركة الوجه في ضد هذا والإشارة بالعين والتبسم في مواطن الموافقة.