وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار.
وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم.
وقال القاضي عياض: أراد أحمد أهل السنة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث.
وقال النووي: يحتمل أن تكون هذه الطائفة فرقة من أنواع المؤمنين ممن يقيم أمر الله تعالى من مجاهد وفقيه ومحدث وزاهد وآمرٍ بالمعروف، وغير ذلك من أنواع الخير، ولا يلزم اجتماعهم في مكان واحد بل يجوز أن يكونوا متفرقين، قوله "يفقهه" أي يفهمه، وهي ساكنة الهاء لأنها جواب الشرط، يقال: فَقُهَ، بالضم، إذا صار الفقه له سجيةً، وفَقَهَ، بالفتح، إذا سبق غيره إلى الفهم، وفَقِهَ، بالكسر، إذا فهم، ونَكَّر "خيراً" ليشمل القليل والكثير، والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه، ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين -أي يتعلم قواعد الإسلام، وما يتصل بها من الفروع- فقد حُرِمَ الخير.
وقد أخرج أبو يعلى حديث معاوية من وجه آخر ضعيف، وزاد في آخره: "ومن لم يتفقه في الدين لم يبال الله به"، والمعنى صحيح، لأن من لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيهاً ولا طالب فقه، فيصح أن يوصف بأنه ما أُريد به الخير، وفي ذلك بيانٌ ظاهرٌ لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم"""1".
وقال شيخ الإسلام: ""وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، ولازمُ ذلك أن من لم يُفَقّهْه الله في الدين لم