وإذا اشتبه الأمرُ، استبانَ المؤمنُ حتى يتبيّن له الحق، فلا يُقْدِم على الطاعة إلا بعلمٍ ونيّة، وإذا تركها كان عاصياً. فتَرْكُ الواجب معصية.
وفعلُ ما نُهي عنه من الأمر معصيةٌ. وهذا باب واسع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مثال آخر للنظر للمصالح والمفاسد:
ومن هذا الباب تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبيّ بن سَلول وأمثاله من أئمةِ النفاق والفجور؛ لِما لهم من أعوان؛ فإزالةُ المنكر بنوعٍ من عقابه مستلزمةٌ إزالة معروف أكبر من ذلك بغضبٍ قومه وحميّتهم، وبنفورِ الناس إذا سمعوا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، ولهذا لما خطبَ الناسَ في قضيّة الإفك بما خَطَبَهم به، واعتذر عنه، وقال له سعد بن مُعاذ قوله الذي أحسنَ فيه = حمي له سعد بن عبادة -مع حُسْن إيمانه وصدقه- وتعصَّب لكلٍّ منهم قبيلَةٌ، حتى كادت تكون فتنة""1".
وبهذا يُعْلم أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعِظَمُ شأنه، كما يُعْلَمُ أهمية الإتيان به على وجْهه، ومراعاة الصفات المطلوبة في القيام به، وأنه لم يُحْسِن كلٌّ ممن تركه ومن قام به متنكباً الهدْي المطلوب فيه شرعاً. وأنه يجب الأخذ بجميع النصوص وجميع الأحكام الشرعية.