معنى للجهر في هاتين الصورتين إلا عَدَم الفقه أو خيانة الإسلام والمسلمين!.
ومن الأمثلة على هذا ما كان من حال المسلمين في الاتحاد السوفيتي قبل سقوط الاتحاد، فلقد كان العمل للإسلام هناك في سرّيّةٍ تامّة وكان هذا من أوجبِ الواجبات وأفضل أنواع الجهاد في حقهم؛ لما كانوا فيه من حصار ومنْعٍ من ذكْر اسم الله تعالى، حتى إنه كان مجرّد العثور على المصحف لدى المرء كافياً لقتْله!.
ومن الأمثلة كذلك حال المسلمين في فلسطين، وما هم فيه من حُكْمٍ لهم مِن قِبَل اليهود، وما يعانونه من اضطهاد، وتشريدٍ من أرضهم منذ سنين؛ فهل يَصِحّ أن يُقال لهم لا يجوز لكم السّرّيّة في العمل للإسلام والدعوة إليه في أرضكم ضدّ عدوّكم؟!.
نَعم يُمكن أن يقال ذلك، ولكن ليس باسم الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم!
ومعلومٌ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بدأ دعوته سرّاً نحو ثلاث سنوات، ولم يكن مخطِئاً في ذلك، ولم يُنسَخْ!! فمتى ما وُجِدَت الظروف ذاتها فإنّ الحكْم هو التأسي به صلى الله عليه وسلم في ذلك.
والحقيقة أنّ هذا كما أنه هو موقف الشرع، فهو موقف العقل والفطرة أيضاً-حتى في نظرة الكافرين-؛ إذ لا يُنتظَرُ من الكافرين أن يقولوا-مثلاً-: إن العقل والمنطِق يَفرضان عليكم أيها المسلمون أن تكشفوا لنا عن خُططكم وبرامجكم لنشْر دينكم!
فكيف إِذَنْ يَسلك مثلَ هذا المسلك بعض المسلمين اليوم، وليس هذا فحسبُ بل تُصبح هذه هي قضيته التي مِن أجلها يتحرّك بدأَبٍ غريب،