وقد اعتمد المصنف -رحمه الله- في الاستدلال على كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يدعم ذلك بما ورد عن الصحابة الكرام فمن بعدهم، وإذا كان هذا هو منهج كثير من العلماء، فإن ابن القيم يزيد عليهم بأن يؤيد ما ذهب إليه أحيانًا بأقوال المتكلمين والفلاسفة، إذا صدر منهم بعض الحق.

وكان المصنف -رحمه الله- دقيقًا في عزوه ونقله، فهو كثيرًا ما يذكر اسم الكتاب والمؤلف، وأحيانًا يصرح باسم المؤلف فقط، وأحيانًا باسم الكتاب فقط، وأحيانًا يصرح بأنه نقل هذا الكلام بلفظه لا بلازمه ومعناه، وأحيانًا يتصرف في النقل بتقديم، أو تأخير، أو اختصار.

وكان رحمه الله عادلًا مع خصومه، فهو يذكر كلام الخصم، ويبين ما فيه من حق وباطل، وتميز أسلوبه بالبيان والجاذبية، وحسن الصياغة والعرض، والإكثار من المحسنات اللفظية مع قوة المعنى، وعمق الفكرة وحسن السياق والترتيب.

وقد يؤخذ على الكتاب الاستطراد في بعض المواضع والخروج عن الموضوع الأساسي إلى مواضيع أخرى، وكذا التكرار وعرض الموضوع الواحد بصور مختلفة، وأحيانًا بصورة متشابهة مع زيادة أو نقص.

وخالف ابن القيم حسن الترتيب في كونه ذكر آثار التأويل في فصول متفرقة، فلو ذكرها في فصل واحد، أو مرتبة على الأقل لكان أولى، وكذا تحدث عن التأويل في البداية، ثم تحدث بعد ذلك عن الطواغيت الأربعة التي هي أصول الانحرافات عند الجهمية والمعطلة، والتي أدت بهم إلى التأويل، فالتأويل نتيجة لهذه الأصول، فلو أخر النتيجة لكان أولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015