استشكلت لحاقهم بهم بلا عمل عملوه مع الآباءِ، وأجابها النبى صلى الله عليه وسلم بأن الله سبحانه وتعالى يعلم منهم ما هم عاملوه، ولم يقل لها: إنه يعذبهم بمجرد علمه فيهم. وهذا ظاهر بحمد الله لا إشكال فيه.

وأما حديث أبى رجاء العطاردى عن ابن عباس، ففى القلب من رفعه شيء وإن أخرجه ابن حبان فى صحيحه، وهو يدل على ذم من تكلم فيهم بغير علم، أو ضرب النصوص بعضها ببعض فيهم، كما ذم من تكلم فى القدر بمثل ذلك، وأما من تكلم فيهم بعلم وحق فلا.

المذهب الثانى: أنهم فى النار. وهذا قول جماعة من المتكلمين وأهل التفسير، وأحد الوجهين لأصحاب أحمد، وحكاه القاضى نصاً عن أحمد، واحتج هؤلاءِ بحديث عائشة المتقدم، واحتجوا بما رواه أبو عقيل يحيى بن المتوكل عن بهية عن عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المسلمين أين هم؟ قال: "فى الجنة"، وسألته عن أولاد المشركين أين هم يوم القيامة؟ قال: "فى النار"، فقلت: لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم الأقلام. قال: "ربك أعلم بما كانوا عاملين"، قلت: يحيى بن المتوكل لا يحتج بحديثه، فإنه فى غاية من الضعف.

وأما حديث عائشة المتقدم فهو من حديث عمر بن ذر، وتفرد به عن يزيد عن أبى أُمية أن البراء بن عازب أرسل إلى عائشة يسألها عن الأطفال، فذكرت الحديث هكذا، قال مسلم بن قتيبة [عنه] ، وقال غيره: عن عمر بن ذر عن يزيد عن رجل عن البراء، ورواه الإمام أحمد فى مسنده من حديث عتبة بن ضمرة بن حبيب: حدثنى عبد الله بن أبى قيس مولى غطيف أنه سأل عائشة، فذكرت الحديث. وعبد الله هذا ينظر فى حاله، وليس بالمشهور.

واحتجوا بما رواه عبد الله بن أحمد فى مسند أبيه عن عثمان بن أبى شيبة عن محمد بن فضيل بن غزوان عن محمد بن عثمان عن زاذان عن على قال: سألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولدين لها ماتا فى الجاهلية فقال: "هما فى النار" رأى الكراهية فى وجهها قال: "لو رأيت مكانهما لأبغضتهما" قالت: يا رسول الله، فولدى منك؟ قال: "إن المؤمنين وأولادهم فى الجنة، وإن المشركين وأولادهم فى النار"، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانِ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] .

وهذا معلول من وجهين، أحدهما: أن محمد بن عثمان مجهول، والثانى: أن زاذان لم يدرك علياً. وقال جماعة عن داود بن أبى هند عن الشعبى عن علقمة عن سلمة بن قيس الأشجعى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015