قُلْ مَن رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ العظِيمِ سَيَقُولُونَ للهِ، قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يَجِيرُ وَلا يُجَارُ عَليْهِ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ للهِ، قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84- 89] ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} [الزخرف: 87] ، {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف:20] ، {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} [الأنعام: 148] ، وهذا كثير فى القرآن، فالفناءُ فى هذا المشهد لا يدخل العبد فى دائرة الإسلام، فكيف يجعله هو الحقيقة التى ينتهى إليها سير السالكين، ويجعل حقيقة الإيمان ودعوة الرسل منزل من منازل العامة، وهل هذا إلا غاية الانحراف والبعد عن الصراط المستقيم وقلب للحقائق؟
وكم قد هلك فى هذه الحقيقة من أُمم لا يحصيهم إلا الله، وكم عطل لأجلها الواقفون معها من الشرائع، وخربوا من المنازل وما نجا من معاطبها إلا من شملته العناية الربانية، ونفذ ببصره من هذه الحقيقة إلى الحقيقة الإيمانية النبوية، حقيقة رسل الله وأنبيائه وأتباعهم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ.
والحقيقة الثالثة: "حقيقة اتحادية" بل واحدية لا يفرق فيها بين الرب والعبد، ولا بين القديم والمحدث، ولا بين صانع ومصنوع، بل الأمر كله واحد، والأمر المخلوق هو عين الأمر الخالق.
وهذه الحقيقة التى يشير إلى عينها طائفة الاتحادية، ويعدون من لم يكن من أهلها محجوباً، وهذه حقيقة كفرية اتحادية، وهى مع ذلك خيال فاسد، وعقل منكوس، وذوق من عين منتنة، وكفر أهلها أعظم من كفر كل أُمة، فإنهم جحدوا الصانع حقاً وإن أثبتوه جعلوا وجوده وجود كل موجود، والذين أثبتوا الصانع وعدلوا به غيره وسووا بينه وبين غيره فى العبادة مقالتهم خير من مقالة هؤلاء الذين جعلوه وجود كل موجود وعين كل شيء تعالى الله عما يقول الكاذبون المفترون علواً كبيراً.
فعليك بالفرق بين السائرين إلى هذه الحقيقة، والسائرين إلى عين الحقيقة الكونية الحكمية، والسائرين إلى عين الحقيقة المحمدية الإبراهيمية الحنيفية التى هى حقيقة جميع الأنبياءِ والمرسلين، وفيها تفاوتت مراتب السالكين ومنازلهم من القرب من رب العالمين.
قال شيخ هذه الحقيقة إبراهيم عليه السلام لما تحقق فناءُ تلك الرسوم وأفولها: {إِنِّى وَجَّهْتُ