العاجلة والآجلة. قالوا: أما الآلام والأمراض فمفعولة لغرض صحيح وهو ما ضمن الرب سبحانه لمن أصابه بها من العوض الوافى قالوا: وذلك يجرى مجرى استئجار أَجير فى فعل شاق فإِنه بفرض الاستئجار أخرج الاستئجار عن كونه عبثاً بالأُجرة عن كونه ظلماً، فكان حسناً. قالوا: فإن قيل إذا كان الله قادراً على التفضل بالعوض وبأضعافه بدون توسط الألم فأى حاجة إلى توسطه؟ وأيضاً فإذا حسن الألم لأجل العوض فهل يحسن منا أن يؤلم أحدنا [غيره] بغير إذنه لعوض يصل إليه؟ فالجواب أن الله سبحانه لا يُمرض ولا يُؤلِم إلا من يعلم من حاله أَنه لو أَطلعه على الأَعواض التى تصل إليه لرضى بالأَلم ولرغب فيه لوفور الأعواض وعظمها، وليس كذلك فى شاهد استئجار الأَجير من غير اختياره، قالوا: وليس كذلك إِيلام أَحدنا لغيره لأَجل التعويض، فإِن من قطع يد غيره أَو رجله لعوضه عنها لم يحسن ذلك منه، لأن العوض يصل إليه وهو مقطوع اليد والرجل، وليس من العقلاءِ من يختار ملك الدنيا مع ذلك، والله يوصل الأعواض فى الآخرة إلى الأحياء وهم أكمل شيءٍ خلقاً وأَتمه أَعضاءً، فلذلك افترق الشاهد والغائب فى هذا، قالوا: فإن فرضتموه فى ضرب وجلد مع سلامة الأعضاءِ قبح لأَنه عيب، فإِن فرض فيه مصلحة ورضى المضروب بذلك وعظمت الأعواض عنه فهو حسن فى العقل لا محالة. قالوا: وسر الأَمر أن بالعوض يخرج الألم عن كونه ظلماً لأنه نفع موقوف على مضرة الألم، وباعتبار كونه لطفاً فى الدين يخرج عن كونه عبثاً.

قالوا: وقد رأينا فى المشاهد حسن الألم للنفع، فإنه يحسن فى المشاهد ًإيلام أنفسنا وإتعابها فى طلب العلوم والأرباح التى لا نصل إليها إلا على جنس من التعب والمشقة، قالوا: وهذا الوجه هو الذى حسن لأجله إيلام الأطفال والبهائم فإنه إيلام لنفع، فإن أبدان الأطفال لا تستقيم إلا على الأسباب الجالبة للآلام، وكذلك نفوسهم إنما تكمل بذلك، وإيلام الحيوان لنفع الآدمى به غير قبيح، قالوا: وأما الألم المستحق للعقوبة فإنه حسن فى المشاهد ولكنه غير متحقق فى الغائب بالنسبة إلى الأطفال والبهائم لعدم تكليفها، ولكن لا بد فى إيلامها من مصلحة ترجع إليها وهى ما يحصل لهم من العوض فى الآخرة. قالوا: ويجب إعادتها لاستيفاءِ ذلك الحق الذى لها وهو العوض على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015