ليست غاية في ذاتها، بل وسائل إلى تحديد المفردات تحديَدًا تجريبيًّا باعتباره الغاية المتحققة بتلك الوسائل. وهذه المرحلة فيها نوع من السير من الكلي إلى الجزئي.

ويرى جون ديوي أن المرحلة الثانية هي الأهم في الإستدلال الإستقرائي، وهي التي تتمثل في إعادة تكوين المفردات التي كانت أساسًا للتعميم إعادة موجهة بغرض تقرير ما يحدث خلال التفاعل الذي يقع في الحالة المفردة الواحدة من خلال فحصها في ظروف متباينة، وتحت شروط متنوعة للوصول إلى الحالة الواحدة التي تمثل عيِّنة نموذجية لمجموعة من التفاعلات أو الإرتباطات، فكأن الاستقراء في هذه المرحلة يسعى إلى اكتشاف القانون العام من خلال عيِّنة نموذجية ليتم تعميمه بعد ذلك على الحالات المشابهة لها. (?) وهذا يشبه عملية تنقيح المناط في مسالك العلة.

وينبغي التنبيه هنا على أن الاستقراء بمفهومه عند أصحاب الإتجاه الثاني لا يمكن تطبيقه بكامل عناصره على القضايا التاريخية والتشريعية، إذ لا يمحن في مثل هذه الحالات التدخل في الجزئيات المندرجة تحت التعميم الإستقرائي لتوفير عينات معدة إعدادًا خاصًّا للبحث بإيجادها في ظروف مختلفة وتحت شروط معينة؛ إذ هي بالنسبة للحوادث التاريخية حوادث مضت وانقضت، ولا يمكن استرجاعها، وبالنسبة للشرائع، أحكامها ونصوصها قد صدرت، ولا يمكن استنزال نصوص جديدة، وإنما هو الإجتهاد فيها لإعطاء أحكام لما يستجدّ من أحداث، وغاية ما يمكن عمله في هذين المجالين هو تطبيق الاستقراء بمفهومه عند أصحاب الإتجاه الأول، أي استقراء الجزئيات الموجودة للخروج بنتيجة كلية.

وهنا يتبين أن الاستقراء بمفهومه الثاني هو استقراء خاص بالعلوم الطبيعية والتجريبية، ولا يصلح تطبيقه في العلوم الشرعية.

العلاقة بين الاستقراء والإستنباط.

يسلك العقل البشري في التعرف على الحقائق وإثباتها مسلك الإستدلال، ويتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015