نموذجًا أو عيِّنة". (?)

وينتقد جون ديوي المفهوم الشائع للإستقراء من كونه مجرد انتقال من الجزئيات إلى التعميمات الكلية عن طريق الملاحظة ويَسِمُه بالقصور ويراه موروثًا من المنطق القديم لم يَعُد مناسبًا للمناهج العلمية التي يتبناها المنطق الحديث.

فالمنطق القديم (اليوناني) في تطبيقه للمنهج الإستقرائي يكتفي بأخذ الأشياء وصفاتها "كما هي قائمة" (?) دون أن يُحدث فيها أي تغيير أي أنه يعتمد مجرد الملاحظة أما في المنطق الحديث فإن المستقرئ لا يكتفي بأخذ الأشياء على ما هي عليه، بل كثيرًا ما يتدخل في مرحلة التجربة بإجراء تحويرات تجريبية للأشياء وصفاتها يحوطا بها عن حالتها الطبيعية التي جاءتنا بها. (?) ويرى جون ديوي أن هذا التدخل عنصر أساس في عملية الاستقراء، وأن أي نظرية تهمل مثل هذه الإجراءات التحويرية نظرية معيبة من أصلها. (?)

يتبين من خلال تعريفات أصحاب هذا الإتجاه أن الاستقراء في مجال العلوم التجريبية يتم عبر مرحلتين متعاكستي الإتجاه، المرحلة الأولى: يتم فيها ملاحظة وتجميع الجزئيات على حالتها الطبيعية للخروج بفرضية، أو ما يمكن أن نسميه التعميم الإستقرائي، وهذه المرحلة يتم فيها الإنتقال من الجزئيات إلى الكليات، وهي متفقة مع مفهوم الاستقراء عند أصحاب الإتجاه الأول، أما المرحلة الثانية: فتجري في خط معاكس للأول، حيث تتم عملية إثبات التعميم المتوصل إليه في المرحلة الأولى بإجراء سلسلة من التجارب على جزئيات مُعَدَّة إعدادًا للبحث من خلال إخضاعها لظروف وشروط مختلفة، ويكون ذلك التعميم بمثابة الموجه لِمَا عسانا أن نقوم به في هذه المرحلة من مشاهدات وتجارب. وعلى هذا تصير الفروض التعميمات المتوصل إليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015