والذي يبدو هنا أن الضابط ليس مجرد ترك النقل، ولا حتى نقل الترك لوحدهما، إذْ أن كليهما لا يدلّ مستقلاً عن القرائن على حكم، وإنما الضابط هو ما يحفّ بذلك الترك من قرائن، وأساس ذلك ثلاثة أمور:

1 - التفريق بين الشعائر التعبديّة والمعاملات، بكون الأصل في الأولى التوقيف، فلا يدخلها -بناءً على ذلك- الإجتهاد والقياس لعدم معقوليّة المعنى الذي خُصّت من أجله بالتشريع دون غيرها من الشعائر وفي الثانية الإجتهاد فيدخلها القياس.

3 - ورود عموم قولي يشمل المتروك وغيره، فإذا لم يرد عموم قولي يشمل المسكوت عنه، وكان المسكوت عنه تعبديّاً عتُبِر السكوتُ بمثابة قصد الشارع إلى عدم الزيادة على المسكوت عنه ولا النقصان منه، أما إذا ورد عموم قولي يشمل المسكوت عنه وغيره، أو كان المسكوت عنه ليس تعبدياً فإن السكوت لا دلالة له على منع الزيادة أو الإنقاص. ويتضح هذا من خلال المثال الآتي في التفريق بين المسكوت عنه في العبادات وفي إخراج الزكاة من الخضروات.

3 - النظر في سبب السكوت، هل كان سكوتَ رضا وإقرار, أم أنه كان سكوتاً لعدم توفر دواعي البيان بالقول أو الفعل، أم أنه كان سكوتا لمانع، كما سبق تفصيله.

سكوت الشارع عن إخراج الزكاة من الخضروات:

من المسائل التي اختلف الفقهاء في دلالة سكوت الشارع عنها مسألة إخراج الزكاة من الخضروات. فقد ذهب المالكية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى أنه لا زكاة فيها بحجة أنها كانت شائعة بين الناس في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يثبت عنه أنه أخذ الزكاة منها ولا أمر عماله بذلك، فدلّ على أنه لا زكاة فيها، وأن عدم نقل ذلك ينزل منزلة نقل ترك

أخذ الزكاة فيها وأن هذا مخصص لعموم ما ورد في الزكاة من نصوص (?).

وذهب أبو حنيفة ومن تبعه إلى القول بوجوب الزكاة فيها (?). واحتجوا بأن عدم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015