. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَامِسِ وَهُوَ قِسْمُ الْمَكْرُوهِ، فَأَمَّا تَمْثِيلُهُ لِلْوَاجِبِ بِسُؤَالِ الْمُحْتَاجِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا قِسْمُ الْمَكْرُوهِ فَسُؤَالُهُ لِلسُّلْطَانِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَقَدْ جَمَعَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بِقَوْلِهِ «إلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» فَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ السُّؤَالُ الْوَاجِبُ قَالَ: وَأَمَّا تَمْثِيلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ السُّؤَالَ الْوَاجِبَ بِالْمُرِيدِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبِسُؤَالِ الْأَوْلِيَاءِ لِلِاقْتِدَاءِ وَتَمْثِيلُهُ بِسُؤَالِ مُوسَى وَالْخَضِرِ طَعَامًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى سُؤَالِ الْمُرِيدِينَ فِي ابْتِدَائِهِمْ اسْمُ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ يُهَذِّبُونَ أَخْلَاقَ الْمُرِيدِينَ بِفِعْلِ ذَلِكَ لِكَسْرِ أَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحُهُمْ، فَأَمَّا الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ فَلَا.
وَأَمَّا سُؤَالُ الْخَضِرِ وَمُوسَى فَلَا يَلْزَمُ هَذِهِ الْأُمَّةَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْخَضِرِ لِحِكْمَةٍ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا لَيُبَيِّنَ لِمُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا يَنْتَهِي الْحَالُ إلَيْهِ فِي الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ انْتَهَى.
وَمِنْ الصُّوَرِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ السُّؤَالُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ مَا إذَا قَدَرَ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ (أَصَحُّهُمَا) أَنَّهُ حَرَامٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمِمَّا وَرَدَ فِي سُؤَالِ الْمُحْتَاجِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا الْمُعْطِي مِنْ سَعَةٍ بِأَفْضَلَ مِنْ الْآخِذِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا» .
1 -
{الْعَاشِرَةُ} قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي. شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَرَدَ التَّخْصِيصُ فِي السُّؤَالِ فِي أَرْبَعَةِ أَمَاكِنَ وَهِيَ أَنْ يَسْأَلَ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ ذَا رَحِمٍ فِي حَاجَةٍ أَوْ الصَّالِحِينَ، فَأَمَّا السُّلْطَانُ فَهُوَ الَّذِي بِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ الْحَاجَةُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَمَّا ذُو الرَّحِمِ فَلِمَا وَرَدَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ مِنْ الْفَضْلِ وَلِذَهَابِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ مَعَ وَصْفِ الْفَقْرِ وَالْعَجْزِ فَرَخَّصَ فِي سُؤَالِهِ، وَأَمَّا سُؤَالُ الصَّالِحِينَ فَهُوَ فِي حَدِيثِ «ابْنِ الْفِرَاسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَا، وَإِنْ كُنْت سَائِلًا وَلَا بُدَّ فَسَلْ الصَّالِحِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّالِحِينَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ الَّذِينَ لَا يَمْنَعُونَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ، وَقَدْ لَا يَعْلَمُونَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فَإِذَا عَرَفُوا بِالسُّؤَالِ الْمُحْتَاجَ أَعْطَوْهُ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمْ مَنْ