. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَسَنَتَيْنِ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ آخَرَانِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ وَبَعْدَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ وَلَا يَجُوزُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَعْ بَعْدُ فِي الصَّوْمِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَتَمَسَّكَ أَكْثَرُهُمْ فِي جَوَازِ إخْرَاجِهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ بِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ وَهُمَا رَمَضَانُ وَالْفِطْرُ مِنْهُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْفِطْرُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي زَكَاةِ الْمَالِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بَعْدَ مِلْكِ النِّصَابِ وَقَبْلَ الْحَوْلِ وَإِذَا ثَبَتَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ جَوَازُ تَعْجِيلِهَا لَمْ يَبْقَى لِذَلِكَ ضَابِطٌ شَرْعِيٌّ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ.
(فَإِنْ قُلْت) لَا حُجَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ (قُلْت) بَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ حُكْمًا لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمَيْ الْحَدِيثِ وَالْأُصُولِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا حُكْمُهُ الرَّفِيعُ وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِعَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُرَجَّحِ الْمُخْتَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) لَمْ يُقَيَّدْ فِي الْحَدِيثِ افْتِرَاضُ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِالْيَسَارِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ انْتَهَى.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَابِطِ ذَلِكَ فَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنْ يَمْلِكَ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ مِمَّا يُؤَدَّى فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَحَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ انْتَهَى وَغَايَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فَقَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرَاهُ عَلَى الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيُّ وَعَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إذَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ الْمَرْءِ وَقُوتِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوتَهُ مِقْدَارُ زَكَاةِ الْفِطْرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ انْتَهَى.
وَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَقْرَبُ إلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ فَإِنَّ ابْنَ شَاسٍ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَا زَكَاةَ عَلَى مُعْسِرٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ لَهُ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ صَاعٌ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ إيَّاهُ انْتَهَى.
فَقَوْلُهُ وَلَا وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ إيَّاهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُجْحِفُ بِهِ فِي مَعَاشِهِ إخْرَاجُهَا وَقِيلَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَحَدُهَا ثُمَّ قِيلَ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ