. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبًا مُوَسَّعًا، آخِرُهُ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ (ثَالِثٌ) أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَ طُلُوعَ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يَعْلُوَ النَّهَارُ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: وَقْتُهَا إثْرَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُبَيَّضَ الشَّمْسُ وَتَحِلَّ الصَّلَاةُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ أَرَادَ بِعُلُوِّ النَّهَارِ بَيَاضَ الشَّمْسِ اتَّحَدَ مَعَ قَوْلِ ابْنِ حَزْمٍ، وَإِنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فَهِيَ حِينَئِذٍ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ: (مِنْهَا) لَوْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيَّ وَالرَّافِعِيُّ تَقْتَضِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِإِدْرَاكِ وَقْتِ الْغُرُوبِ خَاصَّةً لَكِنْ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُ إدْرَاكِ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ، صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ فَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ عَلَى الثَّانِي الْمُرَجَّحِ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ لَهُ بِإِضَافَةِ الزَّكَاةِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجُزْءٍ مِنْ زَمَنِ الْفِطْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ) فِيهِ التَّخْيِيرُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ بَيْنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، فَيُخْرِجُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَاعًا وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ غَيْرِهِمَا وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: فَهُوَ أَسْعَدُ النَّاسِ بِالْعَمَلِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ لَكِنْ وَرَدَ فِي رِوَايَاتٍ أُخَرَ ذِكْرُ أَجْنَاسٍ أُخَرَ، فَتَقَدَّمَ مِنْ الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ «صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ بُرٍّ» وَصَحَّحَهُ وَمِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَمُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ «كَانَ النَّاسُ يُخْرِجُونَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ سَلْتٍ أَوْ زَبِيبٍ» .
وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَضَّ عَلَى صَدَقَةِ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ قَمْحٍ» وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ» ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا أَسْنَدَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَوَقَفَهُ غَيْرُهُ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ