أَرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» وَلِأَبِي دَاوُد «أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ» وَقَالَ هَذِهِ وَهَمٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ زَادَ مَالِكٌ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَرَوَى أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى زَوَالِ وُجُوبِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي جِنْسِ الْعِبَادَةِ لَا تُوجِبُ نَسْخَ الْأَصْلِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ مَحَلَّ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ الْأَمْوَالُ، وَمَحَلَّ زَكَاةِ الْفِطْرِ الرِّقَابُ اهـ.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ ابْنُ اللَّبَّانِ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ بَلْ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي وُجُوبِهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مُحْتَمَلَةٌ وَالْأُخْرَى قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ، وَبِذَلِكَ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ قَالَ وَتَأَوَّلَ قَوْمٌ قَوْلَهُ فَرَضَ بِمَعْنَى قَدَّرَ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِهِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ " فَرَضَ " أَوْجَبَ فَبِهَا وَنَعِمَتْ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى قَدَّرَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى قَدَّرَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِالْقُرْآنِ بِالْفِطْرِ كَمَا قَدَّرَ زَكَاةَ الْمَالِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الْجُمْهُورِ فِي تَرَادُفِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَاقْتَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَتِهِمْ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ» وَلِاجْتِمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ إنْ كَانَ الْوَاجِبَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبَ الْمُتَأَكَّدَ فَهِيَ مُتَأَكَّدَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا اهـ.
(الرَّابِعَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ لِكَوْنِهِ أَضَافَهَا إلَى الْفِطْرِ وَذَلِكَ هُوَ وَقْتُ الْفِطْرِ وَإِضَافَتُهَا إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ