. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَرَمُوا الْمِسْكِينَ بِمَنْعِهِ حَقَّهُ مِنْهَا أَنْ يَأْكُلَ بِهَا فِي جَنْبِهِ أَوْ يَكْتَسِيَ بِهَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَذَابُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى مَا عَدَاهَا.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ «كُلَّمَا بَرَدَتْ» كَذَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَرَدَتْ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِهَا رُدَّتْ بِحَذْفِ الْبَاءِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ الْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ وَالثَّانِيَةُ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ» قَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ آخِرُ مَنْ يُقْضَى فِيهِ وَأَنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا ذُكِرَ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ فَيُقْضَى فِيهِ بِالنَّارِ أَوْ الْجَنَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ حَتَّى يُشْرَعَ فِي الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَيَجِيءُ الْقَضَاءُ فِيهِ إمَّا فِي أَوَائِلِهِمْ أَوْ وَسَطِهِمْ أَوْ آخِرِهِمْ عَلَى مَا يُرِيدُ اللَّهُ، وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى.
قُلْت قَدْ يُشِيرُ إلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4] وَيُقَالُ إنَّمَا ذَكَرَ فِي مَعْرِضِ اسْتِيعَابِ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِتَعْذِيبِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِيهِ آخِرَ النَّاسِ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فَصْلُ أَمْرِهِ فِي وَسَطِهِ أَوْ أَوَّلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَيَرَى سَبِيلَهُ» قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا وَبِرَفْعِ لَامِ سَبِيلِهِ وَنَصْبِهَا قُلْت الْوَجْهَانِ فِي رَفْعِ لَامِ سَبِيلِهِ وَنَصْبِهَا إنَّمَا يَجِيئَانِ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ فَأَمَّا مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ فَيَتَعَيَّنُ نَصْبُ اللَّامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَإِنَّ الَّذِي يَرَى سَبِيلَهُ إلَى الْجَنَّةِ هُوَ الْمُسْلِمُ وَأَمَّا الَّذِي يَرَى سَبِيلَهُ إلَى النَّارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّأْبِيدِ فِيهَا فَهُوَ الْكَافِرُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّعْذِيبِ وَالتَّمْحِيصِ ثُمَّ دُخُولُ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ وَفِي دُخُولِ الْمُسْلِمِ فِي هَذَا الْوَعِيدِ الرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّهُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِسْلَامِ مَعْصِيَةٌ كَمَا لَا يَنْفَعُ مَعَ الْكُفْرِ طَاعَةٌ وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَشْحُونَانِ بِمَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ وَاعْتَذَرُوا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّخْوِيفُ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَوْ صَحَّ قَوْلُهُمْ لَارْتَفَعَ الْوُثُوقُ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ الشَّرَائِعُ وَاحْتَمَلَ فِي كُلٍّ مِنْهَا ذَلِكَ، وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى هَدْمِ الشَّرَائِعِ وَسُقُوطِ فَائِدَتِهَا وَفِي دُخُولِ الْكَافِرِ فِي هَذَا الْوَعِيدِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَبِهِ قَالَ