. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَرَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَالْأَثْرَمِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ثَوْبَانَ رُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةٍ فَرَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فَقَالَ أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِدَابَّةٍ وَهُوَ مَعَ الْجِنَازَةِ فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ أُتِيَ بِدَابَّةٍ فَرَكِبَ فَقِيلَ لَهُ؛ فَقَالَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَمْشِي فَلَمْ أَكُنْ لِأَرْكَبَ وَهُمْ يَمْشُونَ فَلَمَّا ذَهَبُوا رَكِبْت» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنَّ الْمَحْفُوظَ وَقْفُهُ وَحُكِيَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْمَوْقُوفَ أَصَحُّ وَبَوَّبَ التِّرْمِذِيُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ وَرَوَى حَدِيثَ «جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يَسْعَى وَنَحْنُ حَوْلَهُ نَتَوَقَّصُ بِهِ» لَكِنَّهُ رَوَاهُ عُقْبَةُ بِلَفْظِ «إنَّ النَّبِيَّ اتَّبَعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» فَتَبَيَّنَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الرُّكُوبَ إنَّمَا كَانَ فِي الرُّجُوعِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِمَعْنَى اللَّفْظِ الْأَخِيرِ وَلَفْظُهُ «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفَرَسٍ مُعْرَوْرًى فَرَكِبَهُ حِينَ انْصَرَفَ مِنْ جِنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحِ وَنَحْنُ نَمْشِي حَوْلَهُ» وَأَعْلَمُ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا اقْتَصَرُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمَشْيِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِكَرَاهَةِ الرُّكُوبِ، وَكَذَا فَعَلَ الْمَالِكِيَّةُ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَةَ الرُّكُوبِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الرُّكُوبِ حَالَةُ الْعُذْرِ.

{الرَّابِعَةُ} فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يُشْعِرُ بِكَوْنِ الْمَاشِي أَمَامَ الْجِنَازَةِ يَكُونُ بِقُرْبِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا وَلَا صَدَقَ فِي الْعُرْفِ كَوْنُهُ أَمَامَهَا وَبِهَذَا صَرَّحَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فَقَالُوا الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا وَلَا يَتَقَدَّمُهَا إلَى الْمَقْبَرَةِ قَالُوا فَلَوْ تَقَدَّمَ لَمْ يُكْرَهْ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ مُنْتَظِرًا لَهَا وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَتَّى إذَا تَبَاعَدُوا عَنْهَا قَامُوا يَنْتَظِرُونَهَا.

{الْخَامِسَةُ} ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذِكْرِ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَعْدَ ذِكْرِ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْلَمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ مُسْتَمِرٌّ غَيْرُ مَنْسُوخٍ وَلَا يُرَادُ بِذَلِكَ تَقْوِيَةُ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِفِعْلِهِمَا فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي فِعْلِهِ وَلَا حُجَّةَ فِي فِعْلِ أَحَدٍ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015