. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ مُطْرَفًا مِنْ خَزٍّ كَانَتْ تَلْبَسُهُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ قَالَ «رَأَيْت رَجُلًا بِبُخَارَى عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ خَزٍّ سَوْدَاءُ فَقَالَ كَسَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد انْتَهَى.
وَقَالَ مَالِكٌ أَكْرَهُ لُبْسَ الْخَزِّ لِأَنَّ سَدَاهُ حَرِيرٌ رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا كَانَ رَبِيعَةُ يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ بِطَانَتُهَا وَظِهَارَتُهَا خَزٌّ، وَكَانَ إمَامًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَيُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ جَوَازُهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ يَجُوزُ لُبْسُهُ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَجْلِ السَّرَفِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ مَا سَدَاهُ حَرِيرٌ، وَلُحْمَتُهُ غَيْرُ حَرِيرٍ، وَمِنْهُ الْخَزُّ، وَأَمَّا الْعَكْسُ، وَهُوَ مَا لُحْمَتُهُ حَرِيرٌ، وَسَدَاهُ غَيْرُ حَرِيرٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةُ إلَى الْحَرَامِ أَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كُلُّ مَكْرُوهٍ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ حَرَامٌ لِعَدَمِ وُجُودِ النَّصِّ الْقَاطِعِ فِيهِ.
وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْخَزِّ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ شُهْرَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ شُهْرَةٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّوَوِيَّ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ إنَّ السَّدَى هُوَ الْمُسْتَتِرُ، وَاللُّحْمَة هِيَ الَّتِي تُشَاهَدُ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الَّذِي نَعْرِفُهُ الْعَكْسُ.
(السَّابِعَةُ) فِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْحَرِيرِ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الرِّجَالِ لِوُجُودِ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ النِّسَاءِ لَهُ، وَقَدْ بِيعَ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَعَرَضَ عَلَيْهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شِرَاءَهُ، وَأَقَرَّهُ، وَقَالَ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جُبَّةِ دِيبَاجٍ تَبِيعُهَا، وَتُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِك، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
(الثَّامِنَةُ) وَفِيهِ تَذْكِيرُ الْمَفْضُولِ الْفَاضِلَ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ، وَدُنْيَاهُ إذَا ذَهِلَ عَنْهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ.
(التَّاسِعَةُ) وَفِيهِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ التَّجَمُّلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْمَلَابِسِ الْحَسَنَةِ لِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَقَرَّ عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ اسْتِعْمَالَ السِّيَرَاءِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مَرْفُوعًا «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبَيْ مَهْنَتِهِ؟» ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لِلْعِيدِ بَدَلُ الْجُمُعَةِ، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ الْأَمْرَيْنِ.
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ يُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ فِي سَائِرِ مَجَامِعِ الْخَيْرِ إلَّا مَا يَنْبَغِي فِيهِ إظْهَارُ التَّمَسْكُنِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْخَوْفِ كَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ.
(الْعَاشِرَةُ)