. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ» .
فَهُوَ وَقْتُ الْعُرُوجِ وَعَرْضُ الْأَعْمَالِ عَلَى اللَّهِ فَيُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَغْفِرَتَهُ لِلْمُصَلِّينَ مِنْ عِبَادِهِ وَلِذَلِكَ شَدَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى سِلْعَتِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ تَعْظِيمًا لِلسَّاعَةِ وَفِيهَا يَكُونُ اللِّعَانُ وَالْقَسَامَةُ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: 106] أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ أَكْثَرُ الْحَدِيثِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا إجَابَةُ الدَّعْوَةِ أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَتُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَثْبَتُ شَيْءٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرِهَا أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مَعَ الصَّلَاةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ دُخُولُ وَقْتِ الْعَصْرِ.
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ فَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ ظَنَّهَا «أَنَّهَا قَالَتْ قُلْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ إذَا تَدَلَّى نِصْفُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ» فَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَقُولُ لِغُلَامٍ لَهَا اصْعَدْ عَلَى الظِّرَابِ فَإِذَا رَأَيْت الشَّمْسَ قَدْ تَدَلَّى نِصْفُ عَيْنِهَا فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أَدْعُوَ وَقَدْ غَايَرَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ.
فَإِنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ يَجْعَلُهَا مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهَذَا يُضَيِّقُ الْأَمْرَ فِيهَا وَيَجْعَلُهَا قُبَيْلَ الْغُرُوبِ وَلَسْت أُرِيدُ أَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجْعَلُهَا مُسْتَغْرِقَةً مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَلَكِنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَالْقَائِلُ بِهَذَا الْقَوْلِ يُعَيِّنُ لَهَا الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا الْكَلَامِ هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي آخِرِ سَاعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ فَإِنَّهَا جَعَلَتْ ابْتِدَاءَهَا تَدَلِّي نِصْفِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّاعَةَ الْمَذْكُورَةَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا يَنْقَسِمُ النَّهَارُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ الْأَخِيرَةَ بِكَمَالِهَا بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَحْظَةٌ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ السَّاعَةِ