. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَجَدَ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ» انْتَهَى وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَاتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ وَانْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَانْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ عَنْهُ وَمِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَلَا وَجْهَ لِإِنْكَارِهِ وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ خَطَأٌ وَغَلَطٌ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - انْتَهَى.
عَلَى أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَلَى ابْنِ شِهَابٍ فِي إنْكَارِهِ فَقَالَ أَبُو دَاوُد عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ «وَلَمْ يَسْجُدْ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُسْجَدَانِ إذَا شَكَّ حِينَ تَلَقَّاهُ النَّاسُ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ» وَلَيْسَ فِي هَذَا نَفْيُ السُّجُودِ مُطْلَقًا وَقَدْ جَاءَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ شِهَابٍ أَيْضًا نَفْيُ السَّجْدَتَيْنِ وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِيهِ «ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» وَمَنْ أَثْبَتَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَكْثَرُ وَأَوْلَى إذْ مَعَهُمْ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَقَدْ اضْطَرَبَ ابْنُ شِهَابٍ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ إذَا عَرَفَ الرَّجُلُ مَا نَسِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فَأَتَمَّهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِحَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ يَوْمَ ذِي الْيَدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ قَبْلَهَا.
{السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ} فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ لِلسَّهْوِ سَجْدَتَانِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِمَا وَلَا نَقْصٍ وَهُوَ كَذَلِكَ.
{السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ} ذَكَرَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ حِكْمَةَ سُجُودِ السَّهْوِ فَقَالَ إنَّهُ فِي الزِّيَادَةِ لِأَحَدِ مَعْنَيَيْنِ لِيَشْفَعَ لَهُ مَا زَادَ إنْ كَانَتْ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً قَلِيلَةً فَالسَّجْدَتَانِ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ الَّذِي أَسْهَى وَشَغَلَ حَتَّى زَادَ فِي الصَّلَاةِ فَأُغِيظَ الشَّيْطَانُ بِالسُّجُودِ لِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّ إبْلِيسُ بِتَرْكِهِ الْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ وَالْخُلُودَ فِي النَّارِ فَلَا شَيْءَ أَرْغَمُ مِنْهُ لَهُ