. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّابِعَةُ} إذَا قُلْنَا إنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي كَرَاهِيَةِ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّ مُسَاوَقَتَهُ وَمُسَابَقَتَهُ الْيَسِيرَةَ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَهُوَ كَانَ غَيْرَ مُفْسِدٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمُسَابِقَةِ وَالْمُسَاوَقَةِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُسَاوَقَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّ الْمُسَاوَقَةَ خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا تُكْرَهُ وَأَمَّا الْمُسَابَقَةُ بِرُكْنٍ فَتُكْرَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنَيْنِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ وَلَكِنْ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّامِنَةُ} فِيهِ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ مِنْ وَرَائِهِ كَمَا يَنْظُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعِلْمُ دُونَ الرُّؤْيَةِ كَمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرَاهُمْ بِمَا يُوحَى إلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ قَدْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَرَاهُمْ بِمَا خُصَّ بِهِ أَنْ زِيدَ فِي قُوَّةِ بَصَرِهِ حَتَّى يَرَى مَنْ وَرَاءَهُ وَقَدْ سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ قُلْتُ لَهُ إنَّ إنْسَانًا قَالَ لِي هُوَ فِي ذَلِكَ مِثْلُ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَرَاهُمْ كَمَا يَنْظُرُ الْإِمَامُ مِنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا الْإِبْصَارَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إدْرَاكًا خَاصًّا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحَقَّقًا انْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَةُ وَخُلِقَ لَهُ وَرَاءَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِدْرَاكُ الْعَيْنِيُّ انْخَرَقَتْ لَهُ الْعَادَةُ فَكَانَ يَرَى بِهِ مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَا يَشْتَرِطُونَ فِي الرُّؤْيَةِ عَقْلًا هَيْئَةً مَخْصُوصَةً وَلَا مُقَابَلَةً وَلَا قُرْبًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا يَشْتَرِطُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ وَأَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ إنَّمَا هِيَ شُرُوطٌ عَادِيَّةٌ يَجُوزُ حُصُولُ الْإِدْرَاكِ مَعَ عَدَمِهَا وَلِذَلِكَ حَكَمُوا بِجَوَازِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مَعَ إحَالَةِ تِلْكَ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الْبِدَعِ إلَى أَنَّ تِلْكَ الشُّرُوطَ عَقْلِيَّةٌ اسْتَحَالَ عِنْدَهُمْ رُؤْيَةُ اللَّهِ فَأَنْكَرُوهَا وَخَالَفُوا قَوَاطِعَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي وَرَدَتْ بِإِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ وَخَالَفُوا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي هَذَا زِيَادَةٌ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا فِي حُجَّتِهِ وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى