. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ فَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ رَوَيْنَا فِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «لَا يُكْتَبُ لِلرَّجُلِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا سَهَا عَنْهُ» وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا كَمَا سَيَأْتِي وَأَيْضًا فَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ فَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّ الْمَرِيضَ إذَا لَحِقَهُ بِالْقِيَامِ مَشَقَّةٌ تُذْهِبُ خُشُوعَهُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَوْلَا وُجُوبُ الْخُشُوعِ لَمَا جَازَ تَرْكُ الْقِيَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ لِأَجَلِهِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ حَدًّا لِمَا يُسْقِطُ الْقِيَامَ مِنْ الْمَرَضِ وَلَا يَشْتَرِطُ فِي سُقُوطِ الْقِيَامِ عَنْ الْمَرِيضِ الْعَجْزُ عَنْهُ جُمْلَةً بَلْ وُجُودُ الْمَشَقَّةِ كَافِيَةٌ فِي سُقُوطِهِ فَحَدَّ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِمَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ وَذَهَبَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ خُشُوعُهُ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَصِحُّ مَعَ اتِّفَاقِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ مُدَافَعَةَ الْأَخْبَثَيْنِ لَيْسَتْ مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ فَإِذَا وَصَلَ ذَلِكَ إلَى حَدٍّ يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ بَطَلَتْ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَيَقْتَضِي وُجُوبُ الْخُشُوعِ أَيْضًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَخَفَّفَهُمَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ أَرَاك خَفَّفْتَهُمَا فَقَالَ إنِّي بَادَرْتُ بِهِمَا الْوَسْوَاسَ وَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «إنَّ الرَّجُلَ لِيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ وَلَعَلَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْهَا إلَّا عُشْرُهَا أَوْ تُسْعُهَا أَوْ ثُمُنُهَا أَوْ سُبُعُهَا أَوْ سُدُسُهَا حَتَّى أَتَى عَلَى الْعَدَدِ» وَقَالَ أَحْمَدُ إنِّي بَادَرْتُ بِهَا السَّهْوَ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي كِتَابِ تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ فِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ «لَا يُقْبَلُ مِمَّنْ عَمِلَ عَمَلًا حَتَّى يَشْهَدَ قَلْبُهُ مَعَ بَدَنِهِ» وَرَوَاهُ أَبُو شُجَاعٍ الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ الصَّلَاةَ الْخَالِيَةَ مِنْ الْخُشُوعِ وَالتَّمَامِ يُضْرَبُ بِهَا وَجْهُ الْمُصَلِّي» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْخُشُوعِ بِحَدِيثِ الْبَابِ إذْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ كَمَا قَالَ الْمُهَلَّبُ.
{الثَّانِيَةُ} فِي بَيَانِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] يَعْنِيَ خَائِفِينَ لِلَّهِ سَاكِنِينَ وَرَوَيْنَا فِي السُّنَنِ لِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ وَأَنْ تَلِينَ كَتِفَك