. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ» .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .

[فَائِدَةٌ فَضِيلَة الصُّبْح وَالْعَصْر] 1

(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ «ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ» وَلَمْ يَذْكُرْ عُرُوجَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا بِالنَّهَارِ وَلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْأَلُهُمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي كَمَا يَسْأَلُ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ فَهَلْ يَظْهَرُ لِذَلِكَ مَعْنًى أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

(أَحَدُهَا) أَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ اخْتِفَاءٍ وَاسْتِتَارٍ عَنْ الْأَعْيُنِ وَإِغْلَاقِ النَّاسِ أَبْوَابَهُمْ عَلَى مَا يَبِيتُونَ عَلَيْهِ فَكَانَ سُؤَالُ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ أَبْلَغَ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا إلَّا خَيْرًا مِنْ مَجِيئِهِمْ إلَيْهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَتَرْكِهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ بِخِلَافِ النَّهَارِ، فَإِنَّهُ مَحَلُّ الِانْتِشَارِ وَالْإِظْهَارِ وَإِنْ أَمْكَنَ الِاخْتِفَاءُ فِيهِ وَالْإِظْهَارُ فِي اللَّيْلِ وَلَكِنْ جَرَى ذَلِكَ عَلَى غَالِبِ الْأَحْوَالِ.

(وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ إذَا صَلُّوا مَعَهُمْ الصُّبْحَ عَرَجُوا فَحَسُنَ سُؤَالُهُمْ لِيُجِيبُوا بِمَا فَارَقُوهُمْ عَلَيْهِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ قَدْ لَا يَعْرُجُونَ بَعْدَ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْتَكْمِلُونَ فِي الْأَرْضِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُمْ يَضْبِطُونَ مَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ الْحَفَظَةُ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمْ غَيْرَ الْحَفَظَةِ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ «مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ» وَالظَّاهِرُ مِنْهُمْ اسْتِيعَابُ النَّهَارِ وَإِذَا لَمْ يُفَارِقُوا بَنِي آدَمَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَمْكَنَ أَنْ يَطْرَأَ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا لَا يُرِيدُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ الْإِخْبَارَ بِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ أَوْ مَا لَا يُرِيدُونَ هُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ فَلَمْ يَسْأَلْهُمْ عَنْ ذَلِكَ.

(وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا تَعْرُجُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ فَقَطْ، وَأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَعْرُجُونَ وَيَنْزِلُونَ وَأَنَّ مَلَائِكَةَ النَّهَارِ هُمْ الْحَفَظَةُ لَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَمَ وَيُقَوِّي هَذَا الثَّالِثَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ لَنَا عُرُوجُ مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، وَفِيهِ مُوَافَقَةُ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَفَظَةُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْحَفَظَةَ مَلَائِكَةُ النَّهَارِ وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ مَعَ بَنِي آدَمَ وَأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ غَيْرُ الْحَفَظَةِ يَنْزِلُونَ مِنْ الْعَصْرِ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يَضُرُّ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ «يَتَعَاقَبُونَ» إذْ التَّعَاقُبُ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فَقَدْ يَرِدُ التَّفَاعُلُ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ كَقَوْلِهِمْ طَارَقَتْ النَّعْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَلَى اجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ فِي الصُّبْحِ فَقَالَ «وَيَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ فَاقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] » .

1 -

(السَّادِسَةُ) فِيهِ بَيَانُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015