. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ لِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَهَذَا وَقَعَ مِنْ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ جَهْلًا بِآدَابِ الدُّعَاءِ، وَلِذَلِكَ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَتَأَكَّدُ اسْتِيعَابُ الْحَاضِرِينَ عَلَى إمَامِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَخُصُّ نَفْسَهُ دُونَ الْمَأْمُومِينَ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصَّ نَفْسَهُ بِدَعْوَةٍ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمَأْمُومُونَ كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ وَنَحْوِهِ فَأَمَّا مَا يَدْعُو كُلُّ أَحَدٍ بِهِ كَقَوْلِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمَأْمُومِينَ يَدْعُو بِذَلِكَ فَلَا حَرَجَ حِينَئِذٍ فِي الْإِفْرَادِ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ بَعْضَ الْمَأْمُومِينَ يَتْرُكُ ذَلِكَ نِسْيَانًا أَوْ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِاسْتِحْبَابِهِ فَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يَجْمَعَ الضَّمِيرَ لِذَلِكَ فَأَمَّا دُعَاءُ الدَّاعِي لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالرَّحْمَةِ فَقَدْ مَنَعَ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنْ لَا بُدَّ مِنْ عَذَابِ بَعْضِ الْعُصَاةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَرْدُودٌ عَلَيْهِ لِوُرُودِ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ وَخُرُوجُهُمْ مِنْ النَّارِ بَعْدَ الْعَذَابِ إنَّمَا هُوَ بِالْمَغْفِرَةِ، وَالرَّحْمَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَعْمِيمِ الدُّعَاءِ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّادِسَةُ} فِيهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى إنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَتَعْلِيمِ الْجَاهِلِ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِنْكَارَ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُنْكِرُ لَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ نَحْوُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَمَّا لَوْ تَعَدَّى ضَرَرُهُ كَأَنْ رَآهُ يَقْتُلُ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَيَجِبُ قَطْعُ الصَّلَاةِ وَإِزَالَةُ مَا قَدَرَ عَلَى إزَالَتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمُنْكِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّابِعَةُ} قَوْلُهُ لَقَدْ تَحَجَّرْت وَاسِعًا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ أَيْ ضَيَّقْت مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَصْت بِهِ نَفْسَك دُونَ غَيْرِك انْتَهَى وَالْمَعْنَى أَرَدْت ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَحْجِيرُ مَا أَرَادَ تَحَجُّرَهُ وَالتَّفَعُّلُ قَدْ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ تَكَلُّفُ الشَّيْءِ وَبُلُوغُهُ بِمَشَقَّةٍ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى تَكَلُّفِ مَا لَا يَنَالُهُ وَلَا يُطِيقُهُ نَحْوُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَكَقَوْلِهِ مَنْ تَحَلَّمَ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ فَالْمُرَادُ أَنْ يَقُولَ حَلَمْت بِكَذَا، وَكَذَا وَلَمْ يَكُنْ حَلَمَ وَلَا رَأَى شَيْئًا فَهُوَ تَفَعَّلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِيهِ وَلَا بُلُوغٍ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ وَرَدَ هَذَا أَيْضًا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ بِغَيْرِ تَاءِ التَّفَعُّلِ لَقَدْ حَجَرْت أَوْ حَجَّرْت وَاسِعًا رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ