. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ» فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ ذَلِكَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ اللَّيْلِ فَتَرَكَ ذَلِكَ تَكَاسُلًا.
كَمَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَتَّى أَصْبَحَ لَيْسَ لِبَيَانِ غَايَةِ النَّوْمِ إلَى الصَّبَاحِ بَلْ لِبَيَانِ غَايَةِ فَقْدِ الْمَاءِ إلَى الصَّبَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ قَوْلَهُ حَتَّى أَصْبَحَ بَلْ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ أَيْ حَتَّى آلَ أَمْرُهُ أَنْ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْفِعْلِ عَلَى وَصْفٍ أَوْ حَالٍ دُونَ الْإِثْبَاتِ الْمُطْلَقِ.
(الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) قَوْلُ عَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ هَلْ الْمُرَادُ آيَةُ الْمَائِدَةِ أَوْ آيَةُ النِّسَاءٍ؟ جَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَوْ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ قَالَ لَيْسَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْمُرَادِ مِنْ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ تَعْيِينُ إحْدَاهُمَا.
وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ آيَةُ الْمَائِدَةِ مَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ فِيهَا فَنَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ آيَةُ الْمَائِدَةِ.
(الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ) فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ، وَالطَّهُورِ إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذُكِرَ فِيهِمَا التَّيَمُّمُ فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ الْوُضُوءُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ حَتَّى إنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْوُضُوءِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ.
وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ قَالَ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ قَالَ وَفِي قَوْلِهِ «لَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ» .
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ قَدْ كَانَ لَازِمًا لَهُمْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ إلَّا بِوُضُوءٍ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ أَوْ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ لَيْسَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَهُمَا مَدَنِيَّتَانِ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ بِالْكَلِمَةِ وَلَا الْكَلِمَتَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ الْكَلَامُ الْمُجْتَمِعُ الدَّالُ عَلَى الْإِعْجَازِ الْجَامِعِ لِمَعْنًى مُسْتَفَادٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْتَرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْذُ أَنْ اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إلَّا بِوُضُوءٍ