. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالِاسْتِخْلَافِ وَعَلَى انْعِقَادِهَا بِعَقْدِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ لِإِنْسَانٍ إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْخَلِيفَةُ وَعَلَى جَوَازِ جَعْلِ الْخَلِيفَةُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالسِّتَّةِ.
(الرَّابِعَةُ) : قَوْلُهُ «وَإِنِّي إنْ لَا أَسْتَخْلِفُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَخْلِفْ:» قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ لَمْ يُسَمِّ رَجُلًا بِعَيْنِهِ لِلْخِلَافَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ وَلَمْ يُرْشِدْ إلَيْهِ وَأَهْمَلَ الْأَمْرَ بِلَا رَاعٍ يَرْعَاهُمْ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» فَكَانَ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لِإِمَامٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَلِذَلِكَ رَأَيْت الصَّحَابَةَ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْضُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ دَفْنِهِ وَتَجْهِيزِهِ حَتَّى أَحْكَمُوا أَمْرَ الْبَيْعَةِ وَنَصَّبُوا أَبَا بَكْرٍ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ كَانَ فِعْلُهُمْ صَادِرًا عَنْهُ وَمُضَافًا إلَيْهِ.
وَذَلِكَ مِنْ أَدَلِّ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ الْخِلَافَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إمَامٍ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَيُمْضِي فِيهِمْ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرْدَعُهُمْ عَنْ الشَّرِّ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ التَّظَالُمِ وَالتَّفَاسُدِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَضِيَّةُ مَوْتِهِ وَنَصْبِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمِيرًا بَعْدَ أَمِيرٍ، وَهَذَا اتِّفَاقُ الْأَمَةِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا الْخَوَارِجُ وَالْمَارِقَةُ الَّذِينَ شَقُّوا الْعَصَا وَخَلَعُوا رِبْقَةَ الطَّاعَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْأَصَمِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجِبُ نَصْبُ خَلِيفَةٍ فَبَاطِلٌ مَحْجُوجٌ بِإِجْمَاعِ مَنْ قَبْلَهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي بَقَاءِ الصَّحَابَةِ بِلَا خِلَافَةٍ فِي مُدَّةِ التَّشَاوُرِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ وَأَيَّامَ الشُّورَى بَعْدَ وَفَاةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا تَارِكِينَ لِنَصْبِ الْخَلِيفَةِ بَلْ كَانُوا سَاعِينَ فِي النَّظَرِ فِيمَنْ يُعْقَدُ لَهُ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ نَصْبَ الْخَلِيفَةِ وَاجِبٌ بِالْعَقْلِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ وَفَسَادُ قَوْلِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلَا يُحَسِّنُهُ وَلَا يُقَبِّحُهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا بِذَاتِهِ.
(الْخَامِسَةُ) : قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنُصَّ عَلَى خَلِيفَةٍ وَهُوَ إجْمَاعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَخَالَفَ بَكْرُ بْنُ أُخْتِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَقَالَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ نَصَّ عَلَى الْعَبَّاسِ؛ وَقَالَتْ الشِّيعَةُ وَالرَّافِضَةُ عَلَى عَلِيٍّ، وَهَذِهِ دَعَاوَى بَاطِلَةٌ وَجَسَارَةٌ عَلَى الِافْتِرَاءِ وَوَقَاحَةٌ فِي مُكَابَرَةِ الْحِسِّ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعُوا عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى تَنْفِيذِ عَهْدِهِ إلَى عُمَرَ وَعَلَى تَنْفِيذِ عَهْدِ عُمَرَ إلَى