. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُلَمَاءِ عَلَى التَّحْرِيمِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ فَقَدْ أَجَازَهَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَا جَاءَ فِي السَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ أَذَى النَّاسِ فَأَمَّا مَنْ عُرِفَ مِنْهُ شَرٌّ وَفَسَادٌ فَلَا أُحِبُّ أَنْ تَقَعَ فِيهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ وَلَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَإِنَّمَا فِيهِ التَّعْزِيرُ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَلَغَ الْإِمَامَ أَمْ لَا، وَالشَّفَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْفُوعُ صَاحِبَ أَذًى وَنَحْوِهِ.
1 -
(السَّادِسَةُ) : قَوْلُهُ «إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُ إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ:» مُخَالِفٌ بِظَاهِرِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «إنَّمَا أَهْلَك مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الشُّحُّ:» وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ اتَّخَذَ نِسَاؤُهُمْ مِثْلَ هَذَا يَعْنِي وَصْلَ الشَّعْرِ:» وَأَحَادِيثُ أُخَرُ وَالْجَمْعُ بَيْنهمَا أَنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا أُمَمٌ وَطَوَائِفُ كَثِيرَةٌ فَبَعْضُ الْأُمَمِ كَانَ هَلَاكُهَا بِتَرْكِ تَعْمِيمِ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَبَعْضُهُمْ بِكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَالِاخْتِلَافِ وَبَعْضُهُمْ بِالشُّحِّ فَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَصْرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الْأَحَادِيثِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى حَصْرٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ الْإِهْلَاكُ بِسَبَبِ الْمُحَابَاةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.
(السَّابِعَةُ) : فِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْخِيمٌ لِأَمْرٍ مَطْلُوبٍ كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَنَظَائِرِهِ.
(الثَّامِنَةُ) : قَوْلُهُ «لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ:» إلَى آخِرِهِ فِيهِ مُبَالَغَةٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُحَابَاةِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ فَرَضْت فِي أَبْعَدِ النَّاسِ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهَا وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَعَاذَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ حَفِظَهَا مِنْ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ وَحَمَاهَا مِنْهُ إذْ هِيَ بِضْعَةٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} [الحاقة: 44] إلَى آخِرِ الْآيَةِ وَهُوَ مَعْصُومٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ سَمِعْنَا أَشْيَاخَنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عِنْدَ قِرَاءَةِ هَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُونَ أَعَاذَهَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَبَلَغَنَا عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ هَذَا اللَّفْظَ إعْظَامًا لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَإِجْلَالًا لَمَحِلِّهَا وَإِنَّمَا قَالَ فَذَكَرَ عُضْوًا شَرِيفًا مِنْ امْرَأَةٍ شَرِيفَةٍ وَمَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَنْزَهَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - دُونَ غَيْرهَا؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ نِسَاءِ.