. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّتِهِ وَهَذَا مَرْدُودٌ، فَلَا دَلِيلَ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّسْخِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَحْكُمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ مَعَ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] وَهُوَ الْعَدْلُ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَكَيْفَ نَجْعَلُ الْحُدُودَ نَاسِخَةً لِهَذَا الْحُكْمِ وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُضَادَّةِ حُكْمِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وَإِنَّمَا جَاءَهُ الْقَوْمُ مُسْتَفْتِينَ طَمَعًا فِي أَنْ يُرَخِّصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الرَّجْمِ لِيُعَطِّلُوا بِهِ حُكْمَ التَّوْرَاةِ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا كَتَمُوهُ مِنْ حُكْمِ التَّوْرَاةِ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لِشَرَائِطِهِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ وَلَيْسَ يَخْلُو الْأَمْرُ فِيمَا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمَنْسُوخِ وَيَتْرُكَ النَّاسِخَ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فَهُوَ شَرِيعَتُهُ وَالْحُكْمُ الْمُوَافِقُ لِشَرِيعَتِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَابِعًا لِمَا سِوَاهُ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنِّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ بِأَنَّ فِيهِ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ قَالَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ اُحْكُمْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ احْتِجَاجًا بِهِ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِمَا فِي دِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ وَذِكْرُهُ التَّوْرَاةَ لَا يَكُونُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى هَذَا عِنْدَنَا كَانَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّجْمِ عَلَى الْيَهُودِيَّيْنِ أَيْ بِشَرِيعَتِنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَجَمَ مَاعِزًا وَغَيْرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَمَ مَنْ رَجَمَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى وَلَا يَتَقَدَّمُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِمَا أَرَاهُ اللَّهُ فَوَافَقَ ذَلِكَ مَا فِي التَّوْرَاةِ وَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ عِلْمٌ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُمْ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّهُمْ أَيْ الْفُقَهَاءُ يَشْتَرِطُ فِي الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ شُرُوطِهِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ وَمَنْ رَأَى رَجَمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ إذَا أُحْصِنُوا إنَّمَا رَآهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْنَا لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ فِينَا وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْيَهُودِيِّينَ الْمَذْكُورَيْنِ انْتَهَى.

وَهُوَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى فَنَقْلُهُ عَنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي الْإِحْصَانِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا لَزِمَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015