. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُبْعَثُ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يُخْتَمُ لَهُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى (قُلْت) وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا نَزَعَ الثِّيَابَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهَا إمَّا مُحَقَّقَةٌ، وَإِمَّا مَشْكُوكَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ بِثِيَابٍ مُحَقَّقَةِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ الْمَأْمُورِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ انْخِتَامِ الْآجَالِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَحْثُوثٌ عَلَى أَنْ يَخْتِمَ أَعْمَالَهُ بِالصَّالِحَاتِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُزَالُ عَنْهُ الدَّمُ بِغُسْلٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هَذَا لَكَانَ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى ذَلِكَ ضَعِيفًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ غُسْلِنَا الدَّمَ إقَامَةً لِوَاجِبِ التَّطْهِيرِ وَالْغُسْلِ ذَهَابُ الْفَضْلِ الْحَاصِلِ بِالشَّهَادَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَا لَزِمَ بِغُسْلِهِ لِبَقَاءِ التَّكْلِيفِ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِيءُ دَمُهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْبَدِيعَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ كُلُّ كَلْمٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَكِنْ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَرْكِ غُسْلِ دَمِ الشَّهِيدِ فَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ.
{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي بَابِ مَا يَقَعُ مِنْ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ حَدِيثًا صَحِيحَ السَّنَدِ فِي الْمَاءِ فَاسْتَدَلَّ عَلَى حُكْمِ الْمَاءِ الْمَائِعِ بِحُكْمِ الدَّمِ الْمَائِعِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنًى تَسْكُنُ النَّفْسُ إلَيْهِ، وَلَا فِي الدَّمِ مَعْنَى الْمَاءِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ، وَلَا يَشْتَغِلُ الْفُقَهَاءُ بِمِثْلِ هَذَا وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ اللُّغْزُ بِهِ، وَإِشْكَالُهُ، وَإِنَّمَا شَأْنُهُمْ إيضَاحُهُ وَبَيَانُهُ، وَبِهَذَا أُخِذَ الْمِيثَاقُ عَلَيْهِمْ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ، وَلَا يَكْتُمُونَهُ انْتَهَى ثُمَّ اخْتَلَفَ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ بِنَجَاسَةٍ دُونَ لَوْنِهِ أَنَّ الْحُكْمَ لِرَائِحَتِهِ فَيَكُونُ نَجِسًا، وَلَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَرَائِحَتُهُ لَمْ يَتَنَجَّسْ لِأَنَّ دَمَ الشَّهِيدِ لَمَّا اخْتَلَفَ لَوْنُهُ وَرَائِحَتُهُ كَانَ الْحُكْمُ لِرَائِحَتِهِ، وَعَكَسَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ فَقَالَ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَاعَى فِي الْمَاءِ تَغَيُّرُ لَوْنِهِ دُونَ رَائِحَتِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى هَذَا الْخَارِجَ مِنْ جُرْحِ الشَّهِيدِ دَمًا، وَإِنْ كَانَ رِيحُهُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ مِسْكًا فَغَلَّبَ