. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدِيثُ وَجَعَلَهُ النَّسَائِيّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» ، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ.
(الثَّانِيَةُ) أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِمُقَاتَلَةِ النَّاسِ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَامْتَثَلَ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَزَالُ يَفْعَلُهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ نَبِيَّ الْمَلْحَمَةِ أَيْ الْقِتَالِ، وَفِيهِ أَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ الَّتِي يَجِبُ الْقِيَامُ بِهَا فَإِنَّ الْأَمْرَ لَهُ أَمْرٌ لِجَمِيعِ أُمَّتِهِ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ، وَفَائِدَةُ تَوْجِيهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ أَنَّهُ الدَّاعِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُبَيِّنُ عَنْهُ مَعْنَى مَا أَرَادَ، وَعَلَى هَذَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] فَافْتَتَحَ الْخِطَابَ بِاسْمِهِ خُصُوصًا ثُمَّ خَاطَبَهُ وَسَائِرَ أُمَّتِهِ بِالْحُكْمِ عُمُومًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) اقْتَصَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ غَايَةَ الْقِتَالِ قَوْلُ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) فَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ فِي حُصُولِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ شَيْئًا، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ يَصِيرُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا، وَيُطَالَبُ بِالشَّهَادَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَبَى جُعِلَ مُرْتَدًّا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالْوَثَنِيِّ وَالْمُعَطِّلِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا كَانَ يَجْحَدُهُ، وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ذَلِكَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ مَنْ أَتَى مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ بِكَلِمَةٍ تُخَالِفُ مُعْتَقَدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ أَتَى مِنْهُمَا بِمَا يُوَافِقُهُ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ فَقَالَ فِي الْوَثَنِيِّ وَالْمُعَطِّلِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ فِي الْيَهُودِيِّ إذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ قَالَ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْيَهُودِيَّ أَوْ النَّصْرَانِيَّ إذَا اعْتَرَفَ بِصَلَاةٍ تُوَافِقُ مِلَّتَنَا أَوْ حُكْمٍ يَخْتَصُّ بِشَرِيعَتِنَا هَلْ يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْلِمًا قَالَ وَمَيْلُ مُعْظَمِ الْمُحَقِّقِينَ إلَى كَوْنِهِ إسْلَامًا، وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي ضَبْطِهِ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَا كَفَرَ الْمُسْلِمُ بِجَحْدِهِ كَانَ الْكَافِرُ الْمُخَالِفُ لَهُ مُسْلِمًا بِعَقْدِهِ ثُمَّ إنْ كَذَّبَ مَا صَدَّقَ بِهِ كَانَ مُرْتَدًّا، وَقَالَ أَصْحَابُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إنَّمَا وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْعَرَبِ، وَكَانُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ لَا يُوَحِّدُونَ فَاخْتَصَّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِمْ، وَبِمَنْ كَانَ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا إلَّا بِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِيهِ اخْتِصَارًا، وَحَذْفًا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ