. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْفَقْرُ فَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْغَنِيِّ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ، وَالزَّمَانَةُ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ اعْتِبَارُهُ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ رَئِيسٌ فِي قَوْمِهِ وَيَبْعُدُ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ نَفَقَتَهَا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي نَفَقَةِ خَادِمِهَا فَأُضِيفَ ذَلِكَ إلَيْهَا إذْ كَانَتْ الْخَادِمُ فِي ضِمْنِهَا وَمَعْدُودَةً فِي جُمْلَتِهَا انْتَهَى. وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ إيجَابُ نَفَقَةِ خَادِمِ الزَّوْجَةِ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إيجَابِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا عَادَةً أَوْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَرَضٍ، وَاعْتَبَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُوسِرًا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُفْرَضُ لِخَادِمَيْنِ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى أَحَدِهِمَا لِمَصَالِحِ الدَّاخِلِ وَإِلَى الْآخَرِ لِمَصَالِحِ الْخَارِجِ، وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.
(ثَالِثُهَا) إنْ طَالَبَهَا بِأَحْوَالِ الْمُلُوكِيَّةِ لَزِمَهُ، وَخَالَفَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْخَادِمِ، وَقَالَ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى خَادِمٍ لِزَوْجَتِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ ابْنُ الْخَلِيفَةِ، وَهِيَ بِنْتُ خَلِيفَةٍ إنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ لَهَا بِمَنْ يَأْتِيَهَا بِالطَّعَامِ وَالْمَاءِ مُهَيِّئًا مُمْكِنًا لِلْأَكْلِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، وَمَنْ يَكْفِيهَا جَمِيعَ الْعَمَلِ مِنْ الْكَنْسِ وَالْفَرْشِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِكِسْوَتِهَا كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ قَالَ: وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ قَطُّ بِإِيجَابِ نَفَقَةِ خَادِمِهَا عَلَيْهِ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ حَقٌّ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِيفَائِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ قَدْرَ حَقِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ وَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ مَنْزِلَ الشَّحِيحِ لَا يَجْمَعُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسَائِرِ الْمَرَافِقِ الَّتِي تَلْزَمُهُ لَهُمْ ثُمَّ أُطْلِقَ الْإِذْنُ لَهَا فِي أَخْذِ كِفَايَتِهَا وَكِفَايَةِ أَوْلَادِهَا مِنْ مَالِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَأَنَّهُ لَا يُدْخِلُ عَلَى بَيْتِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ)