. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ الْقِيَامَ نَحْوَ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا، وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ مَعَانِيَهَا فَيُلْزِمَ نَفْسَهُ بِوَاجِبِهَا فَإِذَا قَالَ الرَّزَّاقُ وَثِقَ بِالرِّزْقِ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ عَقَلَهَا، وَأَحَاطَ عِلْمًا بِمَعَانِيهَا مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ فُلَانٌ ذُو حَصَاةٍ أَيْ ذُو عَقْلٍ وَمَعْرِفَةٍ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، وَالْمَرْجُوُّ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى. أَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ إحْصَاءُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ عَلَى إحْدَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ مَعَ صِحَّةِ النِّيَّةِ أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ لَكِنَّ الْمَرْتَبَةَ الْأُولَى رُتْبَةُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَالثَّانِيَةَ وَهِيَ الَّتِي فِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ ثَالِثًا لِلسَّابِقِينَ، وَالثَّالِثَةَ وَهِيَ الَّتِي فِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ (ثَانِيًا) لِلصِّدِّيقِينَ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مَعْنَاهُ حِفْظُهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مَنْ حَفِظَهَا ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ حِفْظُ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لَهَا قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَحَكَاهُ فِي الْأَذْكَارِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ إنَّهُ وِتْرٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فِي الْمَشْهُورِ، وَالْوِتْرُ الْفَرْدُ، وَمَعْنَاهُ فِي حَقِّ اللَّهِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا نَظِيرَ فَهُوَ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ فَلَا انْقِسَامَ لَهُ، وَوَاحِدٌ فِي إلَهِيَّتِهِ فَلَا نَظِيرَ لَهُ، وَوَاحِدٌ فِي مُلْكِهِ وَمِلْكِهِ فَلَا شَرِيكَ لَهُ، وَقَوْلُهُ «يُحِبُّ الْوِتْرَ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَاهُ فَضْلُ الْوِتْرِ فِي الْعَدَدِ عَلَى الشَّفْعِ فِي أَسْمَائِهِ لِيَكُونَ أَدَلَّ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ وَالتَّفَرُّدِ [وَقِيلَ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى صِفَةِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ] عَلَى سَبِيلِ الْإِخْلَاصِ لَا يُشْرِكُ فِي عِبَادَتِهِ أَحَدًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْمُرُ، وَيُفَضِّلُ الْوِتْرَ فِي الْأَعْمَالِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الطَّاعَاتِ كَمَا جَعَلَ الصَّلَوَاتِ خَمْسًا وِتْرًا، وَشُرِعَتْ أَعْدَادُ الطَّهَارَاتِ، وَالِاسْتِطَابَةُ، وَأَكْفَانُ الْمَيِّتِ، وَنُصُبُ الزَّكَاةِ مِنْ الْخَمْسِ أَوَاقٍ، وَالْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَنِصَابُ الْإِبِلِ، وَأَكْثَرُ نِصَابِ الْغَنَمِ، وَأَوَّلُ نِصَابِ الْبَقَرِ وِتْرًا فِي الْعُقُودِ، وَخَلْقًا كَثِيرًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى عَدَدِ الْوِتْرِ مِنْ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْبُحُورِ، وَعَدَدِ الْأَيَّامِ فِي الْجُمُعَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَصَدَّرَ النَّوَوِيُّ كَلَامَهُ بِهَذَا الْأَخِيرِ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَرْجِيحَهُ، وَكَذَا رَجَّحَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوِتْرَ هُنَا لِلْجِنْسِ إذْ لَا مَعْهُودَ جَرَى ذِكْرُهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يُحِبُّ كُلَّ وِتْرٍ شَرَعَهُ وَأَمَرَ بِهِ، وَمَعْنَى مَحَبَّتَهُ لَهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ، وَأَثَابَ عَلَيْهِ، وَيَصْلُحُ ذَلِكَ