. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQنُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ، وَأَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ فِي وَقْتِ الْإِرْضَاعِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَرَدَّهُ ابْنُ حَزْمٍ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ أُرْضِعُهُ، وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ دَالٌّ عَلَى تَأَخُّرِهِ عَمَّا دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الصِّغَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعَةُ) اسْتَشْكَلَ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إيَّاهَا بِإِرْضَاعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، وَهُوَ مَحْرَمٌ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الرَّضَاعَ الْمُعْتَبَرَ، وَتَصِيرُ مَحْرَمًا لَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَلَعَلَّهَا حَلَبَتْهُ ثُمَّ شَرِبَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ ثَدْيَهَا، وَلَا الْتَقَتْ بَشَرَتَاهُمَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ حَسَنٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مَسِّهِ لِلْحَاجَةِ كَمَا خَصَّ بِالرَّضَاعَةِ مَعَ الْكِبَرِ انْتَهَى.

وَجَعَلَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ تَحْرِيمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَةِ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ ثَدْيَ الْحُرَّةِ عَوْرَةٌ لَا يَجُوزُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَالَ، وَلَا يُقَالُ يُمْكِنُ أَنْ يَرْضِعَ، وَلَا يَطَّلِعُ لِأَنَّا نَقُولُ نَفْسُ الْتِقَامِ حَلَمَةِ الثَّدْيِ بِالْفَمِ اطِّلَاعٌ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى.

وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي مِنْ شُرْبِهِ بَعْدَ حَلْبِهِ، وَلَمْ يَسْتَصْوِبْ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ، وَاقْتَضَى كَلَامُهُ جَوَازَهُ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ كَيْفَ يَحِلُّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَرْضَعَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ نَقَضَهُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ لِلْأَمَةِ الصَّلَاةَ عُرْيَانَةً يَرَى النَّاسُ ثَدْيَهَا، وَخَاصِرَتَهَا، وَأَنَّ لِلْحُرَّةِ أَنْ تَتَعَمَّدَ أَنْ يَنْكَشِفَ مِنْ شَفَتَيْ فَرْجِهَا قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ تُصَلِّي كَذَلِكَ، وَإِنْ تَكَشَّفَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِ بَطْنِهَا كَذَلِكَ انْتَهَى، وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا مِنْ شُرْبِهِ مَحْلُوبًا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ قَوْلَ رَجُلٍ لِعَطَاءٍ سَقَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ لَبَنِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ هَكَذَا رَضَاعَ الْكَبِيرِ كَمَا ذَكَرَ عَطَاءٌ يُحْلَبُ لَهُ اللَّبَنُ، وَيُسْقَاهُ، وَأَمَّا أَنْ تُلْقِمَهُ الْمَرْأَةُ ثَدْيَهَا كَمَا يُصْنَعُ بِالطِّفْلِ فَلَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ.

[فَائِدَة مَا يَشْرَبُهُ الْغُلَامُ الرَّضِيعُ مِنْ لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ يَمُصَّهُ مِنْ ثَدْيِهَا]

وَقَدْ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى التَّحْرِيمِ بِمَا يَشْرَبُهُ الْغُلَامُ الرَّضِيعُ مِنْ لَبَنِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ لَمْ يَمُصَّهُ مِنْ ثَدْيِهَا انْتَهَى.

وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي التَّحْرِيمِ الِامْتِصَاصَ مِنْ الثَّدْي، وَحَكَاهُ عَنْ طَائِفَةٍ.

(الثَّامِنَةُ) أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَوْلَهُ أَرْضِعِي سَالِمًا، وَقَيَّدَهُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِقَوْلِهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَقِيلَ لَا مِنْ سَبْعِ رَضَعَاتٍ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ عَشْرٍ، وَهُمَا مَرْوِيَّانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015