. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا بِلِعَانٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَهُوَ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَلِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ لِوَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى سَبَبِ وَلَدِ الْأَمَةِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى سَبَبِهِ (وَثَانِيهِمَا) أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ قَعَّدَ قَاعِدَةَ اللِّعَانِ فِي حَقِّ الْأَزْوَاجِ، وَأَنَّ الْوَلَدَ يَنْتَفِي بِالْتِعَانِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعُمُومُ الْمَظْنُونُ مُخَصَّصًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَقْطُوعِ بِهَا، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي مِثْلِ هَذَا الْأَصْلِ انْتَهَى.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْتِعَانِهِمَا بَلْ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ هِيَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ فَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي الْأَمَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْأَمَةَ إذَا كَانَتْ فِرَاشًا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ نَفْيُهُ إذَا ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ، وَحَلَفَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ، وَخَالَفَ فِيهِ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ قَوْلُهُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ لَهُ مَعْنَيَانِ:
(أَحَدُهُمَا) وَهُوَ أَعَمُّهُمَا، وَأَوْلَاهُمَا أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ مَا لَمْ يَنْفِهِ رَبُّ الْفِرَاشِ بِاللِّعَانِ الَّذِي نَفَاهُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا نَفَاهُ بِاللِّعَانِ فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ وَغَيْرُ لَاحِقٍ بِمَنْ ادَّعَاهُ بِزِنًا، وَإِنْ أَشْبَهَهُ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي إذَا تَنَازَعَ الْوَلَدَ رَبُّ الْفِرَاشِ، وَالْعَاهِرُ فَالْوَلَدُ لِرَبِّ الْفِرَاشِ.
(التَّاسِعَةُ) قَوْلُهُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ قَالَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ أَمَرَهَا بِذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ، وَالتَّنَزُّهِ عَنْ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ أَخُوهَا لِأَنَّهُ أُلْحِقَ بِأَبِيهَا لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّبَهَ الْبَيِّنَ بِعُتْبَةَ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَائِهِ فَيَكُونَ أَجْنَبِيًّا مِنْهَا فَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ احْتِيَاطًا قَالَ الْخَطَّابِيُّ.
وَقَدْ كَانَ جَائِزًا أَلَّا يَرَاهَا لَوْ كَانَ أَخَاهَا ثَابِتَ النَّسَبِ، وَلِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] ، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِالشَّبَهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِنَوْعٍ مِنْ الِاعْتِبَارِ ثُمَّ لَا يُقْطَعُ الْحُكْمُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي قِصَّةِ الْمُلَاعَنَةِ إنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إلَّا كَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَمَا أَرَاهُ إلَّا صَدَقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ ثُمَّ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِالشَّبَهِ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ أَقْوَى مِنْهُ كَالْحُكْمِ بِالْقَافَةِ.
وَهَذَا كَمَا يُحْكَمُ فِي الْحَادِثَةِ