. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّنْزِيلُ، وَسُمِّيَ لِعَانًا لِقَوْلِ الزَّوْجِ، وَعَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللَّعْنِ عَلَى لَفْظِ الْغَضَبِ، وَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَفِي صُورَةِ اللِّعَانِ لِأَنَّ لَفْظَ اللَّعْنَةِ مُتَقَدِّمٌ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَلِأَنَّ جَانِبَ الرَّجُلِ فِيهِ أَقْوَى مِنْ جَانِبِهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِاللِّعَانِ دُونَهَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَنْفَكُّ لِعَانُهُ عَنْ لِعَانِهَا، وَلَا يَنْعَكِسُ، وَقِيلَ سُمِّيَ لِعَانًا مِنْ اللَّعْنِ، وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْعُدُ عَنْ صَاحِبِهِ، وَيَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِخِلَافِ الْمُطَلِّقِ وَغَيْرِهِ، وَاللِّعَانُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا يَمِينٌ، وَقِيلَ شَهَادَةٌ، وَقِيلَ يَمِينٌ فِيهَا شَوْبُ شَهَادَةٍ، وَقِيلَ عَكْسُهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَيْمَانِ شَيْءٌ مُتَعَدِّدٌ إلَّا اللِّعَانَ، وَالْقَسَامَةَ، وَلَا يَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي إلَّا فِيهِمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ، وَجُوِّزَ اللِّعَانُ لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ وَدَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ الْأَزْوَاجِ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّةِ اللِّعَانِ فِي الْجُمْلَةِ قَالُوا وَكَانَتْ قِصَّةُ اللِّعَانِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَمِمَّنْ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ.
(السَّادِسَةُ) تَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ، وَكَانَتْ حَامِلًا أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا (وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا) أَرَادَ بِهِ الْحَمْلَ الَّذِي لَمْ تَضَعْهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَيُوَافِقُهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرَ «قَالَ حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ لَاعَنَ بَيْنَ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيُّ وَامْرَأَتِهِ، وَأَنْكَرَ حَمْلَهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا، وَقَالَ هُوَ لِابْنِ سَحْمَاءَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَاتِ امْرَأَتَك فَقَدْ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِيكُمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ» ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ لِعَانِ الْحَامِلِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعَانُ الْحَامِلِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ عِنْدَ الْقَذْفِ فَإِنْ كَانَتْ مَعَ ذَلِكَ حَامِلًا لَمْ يَنْتَفِ الْحَمْلُ قَالَ الْحَنَابِلَةُ إلَّا أَنْ يَصِفَ زِنًا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُهُ كَمَنْ ادَّعَى زِنَاهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، وَاعْتَزَلَهَا حَتَّى ظَهَرَ حَمْلُهَا ثُمَّ لَاعَنَهَا لِذَلِكَ ثُمَّ وَضَعَتْهُ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ مِنْ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ، وَاعْتَلَّ هَؤُلَاءِ فِي إنْكَارِ نَفْيِ الْحَمْلِ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرَفَ وُجُودَ الْحَمْلِ بِالْوَحْيِ، وَفِيهِ نَظَرٌ