. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ زَادَ فِي ثَمَنِهَا وَعَوَّضَهُ عَنْ عَشَرَةِ آلَافٍ دِينَارًا مَثَلًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْحِيَلِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحُقُوقِ أَوْ الْمُوقِعَةِ فِي الْمَنَاهِي.
وَإِنَّمَا يُخَادِعُ بِالنِّيَّاتِ مَنْ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ» .
وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ كَرَاهَةُ إزَالَةِ مِلْكِهِ لِلْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَجَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي قَوْلِهِ إثْمٌ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ الْبَيْعُ بِالْعَيِّنَةِ، وَالِاسْتِحْلَالِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ، وَالتَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ الْحِيَلَ لَيْسَ فِيهَا مُنَافَاةٌ لِلشَّرِيعَةِ بَلْ قَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَعَاطِي الْحِيَلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} [ص: 44] فَمَا كَانَ مِنْ الْحِيَلِ هَكَذَا لَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقٍّ لِمُسْتَحِقٍّ لَهُ فَهُوَ حَسَنٌ مَشْرُوعٌ، وَمَا أَدَّى مِنْ الْحِيَلِ إلَى إسْقَاطِ حَقِّ الْغَيْرِ فَهُوَ مَذْمُومٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
(الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ مِنْ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ، وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهَا وَلَا عُقُودُهُ كَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالنِّكَاحِ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ، وَاللِّعَانُ، وَالْإِيلَاءُ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَلَا الْحُدُودُ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ زَوَالُ عَقْلِهِ بِمُحَرَّمٍ كَالسَّكْرَانِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَالْحَدُّ وَوَقَعَ خِلَافُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي مَوَاضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
(السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَوَدُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ قَتْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الدِّيَةِ فَجَعَلَهَا الشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَثْلَاثًا وَجَعَلَهَا الْبَاقُونَ أَرْبَاعًا وَجَعَلَهَا أَبُو ثَوْرٍ أَخْمَاسًا، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ شِبْهَ الْعَمْدِ وَقَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلَّا الْخَطَأُ، وَالْعَمْدُ.
وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَلَا نَعْرِفُهُ، وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ، وَالْجُمْهُورُ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا «أَلَا