. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِاسْتِدْرَاكِ جِنَايَتِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مُعَامَلَةٌ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ فَإِنَّهُ عَجَّلَ مَا حَقُّهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْلَ وَقْتِهِ فَمُنِعَ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ، وَصَارَ كَمُسْتَعْجِلِ الْإِرْثِ يَقْتُلُ مُورِثَهُ (وَالثَّالِثُ) أَنَّ الطُّهْرَ الْأَوَّلَ مَعَ الْحَيْضِ الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ كَقُرْءٍ وَاحِدٍ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ طُهْرٍ لَكَانَ كَمَنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ، وَ (الرَّابِعُ) أَنَّهُ نُهِيَ عَنْ طَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ لِيَطُولَ مَقَامُهُ مَعَهَا فَلَعَلَّهُ يُجَامِعُهَا فَيَذْهَبُ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ سَبَبِ طَلَاقِهَا فَيُمْسِكَهَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَهَذَا أَشْبَهُهَا، وَأَحْسَنُهَا.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ «وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ» أَيْ قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا فِيهِ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، وَفِيهِ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ لَكِنْ لَمْ تَقُلْ الْمَالِكِيَّةُ هُنَا بِإِجْبَارِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ كَمَا قَالُوهُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ، وَشَذَّ بَعْضُهُمْ فَقَالَ يُجْبَرُ كَالْمَحِيضِ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا أَنَّهُ لَا تُسْتَحَبُّ الرَّجْعَةُ هُنَا أَوْ لَا يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهَا تَأَكُّدَهُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، وَعَلَّلَ أَصْحَابُنَا تَحْرِيمَ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَبَيَّنُ حَمْلُهَا فَيَنْدَمُ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ إذَا جَامَعَهَا فَتَرَتْ رَغْبَتُهُ عَنْهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ حَاجَتُهُ إلَى الطَّلَاقِ، وَرَأَى الظَّاهِرِيَّةُ، وَمِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ طَلَاقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ نَافِذٌ كَمَا قَالُوهُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ فَطَهُرَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ حَرُمَ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) مَحَلُّ تَحْرِيمُ الطَّلَاقِ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا فَإِنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا لَمْ يَحْرُمْ طَلَاقُهَا، وَيَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا «ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَعَلَّلَهُ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَقَدْ أَقْدَمَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ فَلَا يَنْدَمُ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ زَمَنَ الْحَمْلِ زَمَنُ الرَّغْبَةِ فِي الْوَطْءِ، وَفِيهَا لِمَكَانِ وَلَدِهِ مِنْهَا فَإِقْدَامُهُ عَلَى الطَّلَاقِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى احْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ كَوْنِهِ لَا يُحَرِّمُ طَلَاقَ الْحَامِلِ بِمَا إذَا كَانَ مِنْهُ لِيُحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ نَكَحَ حَامِلًا مِنْ الزِّنَا وَوَطِئَهَا