. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقُطْرُبٌ فِي مُثَلَّثِهِ أَنَّ دَعْوَةَ الطَّعَامِ بِضَمِّ الدَّالِ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَغَلَّطُوهُ فِيهِ
(الثَّامِنَةُ) قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ لَهُمْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلْيُصَلِّ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ لَا الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَعْهُودَةُ، وَالْمُرَادُ الدُّعَاءُ لِأَهْلِ الطَّعَامِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الصَّلَاةِ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُرَادَ هُنَا الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَيْ يَشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ لِيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُهَا، وَتَحْصُلَ الْبَرَكَةُ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ وَالْحَاضِرِينَ، وَقَدْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ، وَيُقَالُ يَأْتِي بِالْأَمْرَيْنِ الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالدُّعَاءِ لِأَنَّ الدُّعَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَعَقِبَهَا أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ.
(التَّاسِعَةُ) فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلْيَدْعُ لَهُمْ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ إنْ كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ نَفْلًا جَازَ لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَمَنْ جَوَّزَ الْخُرُوجَ مِنْ صَوْمِ النَّفْلِ جَوَّزَ الْفِطْرَ وَتَرْكَهُ، وَأَمَّا الْأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَى الدَّاعِي صَاحِبِ الطَّعَامِ صَوْمُهُ فَالْأَفْضَلُ الْفِطْرُ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الْإِتْمَامُ، وَأَطْلَقَ الرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ اسْتِحْبَابَ الْفِطْرِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى الدَّاعِي تَرْكُهُ أَمْ لَا ثُمَّ حَكَى عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَنَّهُ إنْ شَقَّ أَوْ أُلِحَّ عَلَيْهِ اُسْتُحِبَّ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
وَمُقْتَضَاهُ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَهُمْ بِالْإِلْحَاحِ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ عَدَمُ الْمَشَقَّةِ بِتَرْكِهِ.
(الْعَاشِرَةُ) فِي قَوْلِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَهُوَ صَائِمٌ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ «فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيَدْعُ لَهُمْ» ، وَبِهِ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ قَالَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا رُؤْيَةَ طَعَامِهِ، وَالْقُعُودُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشْقٍ فَإِنْ أَرَادَ هَذَا فَلْيَدْعُهُمْ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَالَ: وَهَذَا وَاضِحٌ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى