. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي عِيَاضٌ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ مُسْتَحَبَّةٌ قَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَصَرَّحَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْإِجَابَةَ سُنَّةٌ لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ» ، وَشَبَّهَهَا فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ غِنَاءٌ، وَنَحْوُهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَاجِبَةِ الْإِقَامَةِ، وَإِنْ حَضَرَتْهَا نِيَاحَةٌ، وَذَلِكَ يُفْهِمُ الْوُجُوبَ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إجَابَتُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَصَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ إجَابَتَهَا فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ بِمَا إذَا دَعَا الْجَمِيعَ، وَقَالَ لَوْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِالدَّعْوَةِ تَعَيَّنَتْ الْإِجَابَةُ عَلَى الْكُلِّ.
(الرَّابِعَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ إنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ أَوْ تُسْتَحَبُّ بِشُرُوطٍ:
(أَحَدُهَا) أَنْ يَعُمَّ عَشِيرَتَهُ وَجِيرَانَهُ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ أَغْنِيَاءَهُمْ وَفُقَرَاءَهُمْ دُونَ مَا إذَا خَصَّ الْأَغْنِيَاءَ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، وَنَحْوُهُ نَحَا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ (ثَانِيهَا) أَنْ يَخُصَّهُ بِالدَّعْوَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِرْسَالِ شَخْصٍ إلَيْهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ لِيُحْضِرَ مَنْ أَرَادَ أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُحْضُرْ، وَأَحْضِرْ مَعَك مَنْ شِئْت فَقَالَ لِغَيْرِهِ اُحْضُرْ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ، وَلَا تُسْتَحَبُّ، وَكَذَا اعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ يَدْعُوَ مُعَيَّنًا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ احْتِمَالٍ لَوْ قِيلَ بِخِلَافِهِ انْتَهَى. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دُعِيَ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُدْعَ، وَإِنَّمَا مُكِّنَ مِنْ الْحُضُورِ، وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت أَنْ تَجْمُلَنِي لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ.
(ثَالِثُهَا) أَنْ لَا يَكُونَ إحْضَارُهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ أَوْ لِتَعَاوُنِهِ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ يَكُونُ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ.
(رَابِعُهَا) أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي لَهُ مُسْلِمًا فَلَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ فَهَلْ هُوَ كَالْمُسْلِمِ أَمْ لَا تَجِبُ قَطْعًا، طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَلَا يَكُونُ الِاسْتِحْبَابُ فِي إجَابَتِهِ كَالِاسْتِحْبَابِ فِي دَعْوَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ عَنْ طَعَامِهِ لِنَجَاسَتِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْفَاسِدِ، وَكَذَا اعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُسْلِمًا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ (خَامِسُهَا) أَنْ يُدْعَى فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ كَذَا